بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
كانت الفترة بين استشهاد أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسى أقل من تلك التى مضت بين استشهاد كل من إسماعيل هنية ويحيى السنوار. أُغتيل مؤسس حركة «حماس» ياسين فى 22 مارس 2004, وقبل أن يمر شهر لحقه خلفه الرنتيسى فى 17 أبريل. أما الفترة بين اغتيال هنية فى 31 يوليو ثم السنوار فى 17 أكتوبر 2024 فهى شهران ونصف الشهر. لا يُعيد التاريخ إنتاج نفسه. بين اغتيال القائد الأول والثانى للحركة، واستشهاد القائد الأخير وسلفه، فرقان مهمان. الأول فى الظرف الموضوعى. عام 2004 كان قطاع غزة كله تحت الاحتلال العسكرى الصهيونى المباشر منذ 1967. ولم تكن انتفاضة الأقصى قد انتهت، ولا جرائم القتل والتدمير التى توسع نطاقها منذ اندلاع تلك الانتفاضة عام 2000. ولم يؤد اغتيال ياسين والرنتيسى سوى إلى تصاعد المقاومة، الأمر الذى أرغم حكومة شارون على التعجيل بعملية الانسحاب الكامل من القطاع تحت عنوان «خطة فك الارتباط من جانب واحد» فى 2005. أما فى 2024 فيسعى الجيش الصهيونى إلى استعادة السيطرة على القطاع، فى الوقت الذى يواصل فيه ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية. وضعُ الاحتلال فى 2024 أسوأ منه فى 2004. ولكن جرائم الإبادة غير مسبوقة تعطى انطباعًا سطحيًا بأن وضعه بات أفضل. والفرق الثانى أن اغتيال كل من ياسين وهنية كان من الجو بواسطة صواريخ أُطلقت من مروحيات آباتشى. أما اغتيال هنية فكان فى طهران التى زارها للمشاركة فى مراسم تنصيب الرئيس بزشكيان. والأرجح أنه استُهدف بضربة صاروخية من موقع داخل إيران بعد أن حدد عملاء للصهاينة مكانه. ولكن السنوار وحده بين قادة حركات المقاومة الذى استُشهد فى قلب الميدان ممتشقًا سلاحه ومقاتلاً مثل كل المقاومين على الأرض. قتله المجرمون دون أن يعرفوا مثلما ألقى المستعمرون الإيطاليون القبض على المجاهد عمر المختار بطريق الصدفة أيضًا خلال زيارته ضريح الصحابى رويفع بن ثابت فى مدينة البيضاء، ثم أعدموه وهو شامخ مرفوع الرأس فى سبتمبر 1931. ولهذا سيظل السنوار منارةً تضىء طريق المقاومة مثلما أنار المختار طرقَ المكافحين ضد الاستعمار الغربى فى كل مكان.