بقلم - وحيد عبدالمجيد
غريب هذا الصمت الكامل، باستثناءات قليلة هنا وهناك، تجاه عدوان سافر يشنه نظام رجب طيب أردوغان فى تركيا على عفرين السورية، بدعوى مواجهة إرهابيين أكراد. والمقصود أعضاء فى حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى المتحالف مع جماعات وعشائر عربية، ومؤسس «قوات سوريا الديمقراطية» التى قامت بأهم وأكبر دور فى محاربة «داعش» وهزيمته فى سوريا. المفارقة بين ردود الفعل العربية على أى تهديد من جانب نظام آيات الله فى إيران، وأخطار النظام التركي، تثير دهشة حتى من تعودوا على عجائب العرب وغرائبهم.
تهديد نظام أردوغان لا يقل خطراً عن سياسات النظام الإيراني، لسببين. أولهما أن خطر هذه السياسات واضح ومعروف. لدى النظام الإيرانى مشروع معلن وصريح لتوسيع نفوذه الإقليمي0 والتعامل مع خطر واضح أسهل، أو أقل صعوبة، من التعاطى مع تهديد مراوغ ومداور. أما السبب الثانى فهو أن نظام أردوغان يفتقر إلى رؤية واضحة، الأمر الذى يجعله مرتبكاً يتخبط بلا عقل أو منطق. والارتباك يزيد الخطر لأسباب عدة أهمها أن توقع اتجاهاته أصعب.
ويقترن تهديد نظام أردوغان هذه المرة بجموح يصل إلى مستوى العربدة. صدق أركان هذا النظام أكذوبتين روَّجوهما. الأولى أن حزب العمال الديمقراطى الكردى السورى إرهابي. والثانى أنه حزب انفصالى يريد إقامة دولة كردية فى شمال سوريا.
الأكذوبتان متناقضتان. الزعم أن الحزب المذكور إرهابى يستند إلى علاقته بحزب العمال الكردستانى الذى يقاتل ضد نظام أردوغان فى تركيا. وإذا صح أن الحزب السورى مجرد فرع للحزب التركي، فلا منطق لأن يسعى إلى إقامة دولة فى سوريا. الفرع يعمل فى إطار الأصل. والأصل معنى بتركيا وليس بسوريا.
والأمر واضح بذاته. أردوجان يتخذ موقفاً عنصرياً، وليس سياسياً فقط، ضد الأكراد فى أى مكان. وكلهم لديه يستحقون السحق والقتل. وخطابه المتعلق بغزو مدينة عفرين السورية ذات الغالبية الكردية يتضمن مفردات تحمل معنى الإبادة الجماعية. ولكن القانون الدولى معطل اليوم أكثر من أى وقت مضى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وعندما يكون هذا حال العالم، يستطيع من يملك قوة ولا يهتدى بعقل أن يعربد بلا رادع. ولكن الغريب حقاً هو حال العرب الذين تُهدَّد هذه العربدة بعض بلادهم، ويزداد خطرها على مصالحهم.
نقلا عن الاهرام القاهرية