بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
ليست هيئة تحرير الشام الفصيل العسكرى الوحيد فى سوريا. هى أكبر الفصائل التى شارك كلُ منها بمقدار فى الزحف من إدلب إلى دمشق. يتمركز بعض هذه الفصائل فى محافظة واحدة أو بضع محافظات. ولدى كل فصيل أسلحة متفاوتة حجمًا ونوعًا. وقد أعلنت قيادة الأمر الواقع أنها ستُحل كلها ليُدمج مقاتلوها فى الجيش السورى الجديد.
وفى هذا الإعلان بشرى بأن يكون لسوريا جيش واحد. ولكن فيه أيضًا أملا قد لا يسهل تحقيقه. فليس يسيرًا إقناع الفصائل كلها بقبول بقرار يحلها ونزع أسلحتها. قد لا يطمح بعض الفصائل فى مكاسب خاصة. ولكن ليس واقعيًا تصور أن هذا هو حالها كلها. وليس من العقل اللجوء إلى القوة ضد الفصائل التى تناور للمحافظة على كيانها. فالوضع الصعب لا يتحمل الاقتتال الداخلى. تستطيع تركيا أن تساعد فى هذه العملية ولكن بشكل جزئى فيما يتعلق بالفصائل المعتمدة عليها اعتمادًا كاملاً. ولهذا ربما تجد القيادة الجديدة نفسها فى مأزق يدفعها إلى حل وسط ما. وربما تجد مثل هذا الحل فى صيغة قريبة، ولكنها ليست مشابهة, لما حدث فى العراق بعد هزيمة تنظيم «داعش».
كان صعبًا على الحكومة العراقية حل أكثر من 60 فصيلاً مسلحًا شاركت فى مواجهة هذا التنظيم بعد سيطرته على مساحات كبيرة فى شمال العراق عام 2014. فقد تمددت تلك الفصائل وتوسعت منذ تأسيسها فى مارس من ذلك العام. وصار وجودها مشكلة أمام الحكومة بعد أن كان حلاً ساعد فى تحرير أراضٍ عراقية.
ولهذا لجأت إلى حل وسط يتيح دمجها فى الجيش من خلال هيئة تجمعها. فقد أُصدر قانونُ فى نوفمبر 2016 لتنظيم وجود ما أُطلق عليها هيئة الحشد الشعبى ضمن الجيش العراقى. وينص القانون على أن هذه الهيئة جزء من القوات المسلحة العراقية، وترتبط بقائدها العام، وتتمتع فى الوقت نفسه بالشخصية المعنوية وتعتبر تشكيلاً عسكريًا قائمًا بذاته. ولكن فى حالة اللجوء إلى صيغة من هذا النوع يتعين ألاّ تتيح فرصةً لأى فصيل للعمل بشكل مستقل على النحو الذى يحدث فى العراق.