وحيد عبدالمجيد
إذا لم يؤد الحوار المجتمعى حول أى مشروع قانون مهم إلى تحسين هذا المشروع وتصحيح العوار فيه، فبئس هذا الحوار0 أما إذا أدى الحوار المجتمعى إلى تعديل بنود جيدة فى مشروع قانون مهم لتصبح سيئة، فيالبؤس هذا الحوار. ففد أسفر الحوار المجتمعى حول مشروع قانون الانتخابات الرئاسية عن الأخذ ببعض أسوأ المقترحات التى قُدمت فى إطار ما أُطلق عليه حوار مجتمعي، وخاصة إعادة التحصين الذى كانت لجنة الانتخابات الرئاسية تتمتع به فى القانون السابق ولكن بدون غطاء دستورى هذه المرة وبعد تجربة مُرة ثبت فيها أن حظر الطعن على قرارات هذه اللجنة أمام القضاء يحيط نتائج الانتخابات بغيوم تظل ملبَّدة فى سماء البلاد. فقد قلبت مؤسسة الرئاسة المادة 7 فى مشروع قانونها رأساً على عقب فجعلت قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية نهائية ونافذة بذاتها كأنها أحكام قضائية وما هى كذلك, بعد أن كان النص قيل الحوار يبيح الطعن على هذه القرارات أمام محكمة القضاء الإداري. وفى هذه الردة إلى التحصين خطر دستورى قوى على الانتخابات الرئاسية القادمة فى مرحلة لا تتحمل أية مخاطرة ناهيك عن مغامرة بهذا الحجم. ورغم كثرة المقترحات المفيدة لتحسين مشروع القانون، لم تأخذ مؤسسة الرئاسة منها إلا ما لا يفيد أو لا معنى له. خذ مثلاً إضافة (ألاَّ يكون مصاباً بمرض بدنى أو ذهنى يؤثر على أدائه مهام رئيس الجمهورية) إلى شروط الترشح الواردة فى المادة الأولى من المشروع. وهذا شرط "ورقي" أى لا يخرج عن حدود الورقة المدَّون فيها المشروع. فليس هناك أسهل من تقديم شهادة بأن المرشح ليس مصاباً بمرض بدنى أو نفسى مستخرجة من المجالس الطبية المتخصصة بوزارة الصحة، وفقاً لما أضيف إلى المادة 11 تطبيقاً لهذا الشرط الجديد0 كما تجاهلت مؤسسة الرئاسة المقترحات الخاصة بتحقيق المساواة بين المرشحين فى استخدام وسائل الإعلام الخاصة وليست فقط الرسمية، وتلك المتعلقة بتحديد عقوبات محددة على المخالفين. واكتفت بإضافة عبارة إنشائية لا قيمة قانونية لها وهى (تختص اللجنة بتحديد ما تراه من تدابير عند مخالفة حكم هذه المادة). فيالبؤس الحوار المجتمعى الذى يفضى إلى مثل هذه النتائج! نقلاً عن "الأهرام"