د. وحيد عبدالمجيد
فقدت الحركة الوطنية الديمقراطية فى مصر فارساً آخر من أبرز فرسانها وأنبلهم. لم يتصور أحد أن د. عزازى على عزازى سينتقل إلى رحاب ربه على أرض غير هذه الأرض المصرية الطيبة التى عشقها وبذل حياته دفاعاً عنها ضد الاستعمار والصهيونية وفى مواجهة نظامى أنور السادات وحسنى مبارك اللذين اعتبرها كل منهما عزبة خاصة لحاشيته وأتباعه وأنصاره.
ذهب عزازى إلى الصين لإجراء عملية جراحية تعيد الحياة إلى كبده الذى أنهكه التلوث الذى نشرته سياسات نظام مبارك على كل صعيد، فصار المصريون يشربون من مياه الصرف الصحى التى تصب فى نهر النيل وفروعه بكميات مفزعة فى كثير من المناطق، ويأكلون ما تم زرعه باستخدام هذه المياه. ولكن مشيئة الله قضت بأن يلفظ أنفاسه فى الصين وليس فى مصر التى لم يتوان يوماً عن حمل هموم شعبها والدفاع عن فقرائه ومظلوميه وتبنى قضاياهم العادلة انطلاقاً من إيمانه الجازم بالعدالة الاجتماعية كما بالحرية والديمقراطية وكرامة الإنسان.
قضى عزازى حياته حاملاً أحلام المصريين على كتفيه، منذ أن كان طالباً مناضلاً فى جامعة الزقازيق.وواصل نضاله منخرطاً فى الحياة الحزبية ومتواصلاً مع الناس من خلال حزب التجمع أولاً عقب تأسيسه حين لم تكن هناك سوى ثلاثة أحزاب، ثم انتقل إلى الحزب الناصرى عند إنشائه فى بداية التسعينيات. ولكنه لم يلبث أن غادره مع أبرز شباب الحركة الناصرية لإقامة حزب الكرامة الذى فرض حضوره فى الساحة السياسية رغم رفض لجنة أحزاب نظام مبارك الاعتراف به. ولعب عزازى دوراً كبيراً فى ربط هذا الحزب بمختلف القوى الوطنية الديمقراطية على نحو خلق الأرضية التى انطلق منها حمدين صباحى فى انتخابات 2012 الرئاسية ليحقق انجازاً هائلاً بحلوله ثالثاً رغم سطوة المال السياسى فيها.
وشارك عزازى بعد ذلك فى بناء التيار الشعبى، وتأسيس جبهة الإنقاذ, وقيادة النضال ضد حكم «الإخوان», ثم مقاومة محاولات اعادة انتاج مأساة ما قبل ثورة 25يناير, حتى لحظة مغادرته الى الصين0ولذلك يعرف كل محبيه أن روحه لن ترتاح الا بتحقيق أهداف هذه الثورة0فقد كانت روحه, وستظل بعد أن صعدت الى بارئها, انعكاسا لروح الوطن وأحلام الشعب فى مصر ديمقراطية عادلة كريمة متحررة مستقلة رائدة.
نقلاً عن "الأهرام"