د. وحيد عبدالمجيد
لم يكن متوقعاً أن تسفر القمة العربية الخامسة والعشرون فى الكويت عن نتيجة بشأن أى من البنود المدرجة على جدول أعمالها. فلم تعد طريقة تنظيم اجتماعات القمة ملائمة لهذا العصر وقضاياه الأكثر تعقيداً.
وقد تقادمت هذه الطريقة التى لم تتغير على مدى أربعين عاماً منذ أن استضافت القاهرة القمة الأولى عام 1964. ولذلك فقدت الشعوب العربية الاهتمام بهذه الاجتماعات، التى كانت تتطلع إليها فى عقدها الأول. ولم يعد أحد يعلق آمالاً عليها. وصار أقصى ما يمكن التطلع إليه خلال العقدين الأخيرين هو أن تمر أعمال القمة بسلام فلا تزيد الطين العربى بلة.
كان هذا هو الحال قبل أن تضطرب الأوضاع فى المنطقة العربية وتشتعل الصراعات فى داخل بعض دولها على نحو يثير أسئلة كثيرة عن مستقبلها ومخاوف أكثر على مصيرها. ومع ذلك، لم يحدث أى تغيير فى طريقة تنظيم القمة. فمازال اجتماع لوزراء الخارجية يسبقها ليضع، أو يعيد وضع, جدول أعمال مكررة معظم بنوده، ويعد أو يعيد إنتاج بيان يغلب عليه الطابع الإنشائى. ويجتمع القادة أو من ينوبون عنهم بعد ذلك فى جلسة عامة مفتوحة يلقون فيها كلمات روتينية، ثم فى جلسة أو جلستين مغلقتين لإقرار البيان المعد سلفاً مع إدخال تعديلات طفيفة عليه أحياناً.
وتنفض إثر ذلك القمة التى يصعب أن نجد لها من اسمها نصيبا. فلن تكون هذه القمة قمة بالفعل، لابد من بداية جديدة وآلية تنظيمية مختلفة تتيح إجراء حوار جاد فى جلسات جماعية وأخرى ثنائية وثلاثية بعيداً عن الإعلام من أجل تقريب وجهات النظر فى القضايا التى تحتمل ذلك قبل أن يبدأ الاجتماع الرسمى. فهذه القمة هى الفرصة الوحيدة لإجراء حوار بين القادة العرب كل عام. ولا يصح إهدارها بالطريقة التى تحدث الآن، حيث يذهب معظم القادة إلى القمة ويعودون دون أن يتبادلوا سوى كلمات قليلة.
ولذلك لم تأت قمة الكويت وكأنها لم تعقد أصلا رغم الأخطار التى تهدد مستقبل الأمة بدءا بالأزمة السورية وتداعياتها فى الدول المجاورة، و انتهاء بالإرهاب الذى دخل مرحلة جديدة بعيد القمة السابقة، مرورا بسياسات دول الجوار الإقليمى (إيران وتركيا وإثيوبيا) وممارسات إسرائيل المطمئنة لتصفية القضية الفلسطينية التى كانت هى الدافع الأول وراء فكرة القمة إذا كان قد بقى لنا شىء من ذاكرة تاريخية.
نقلاً عن جريدة "الأهرام"