د. وحيد عبدالمجيد
تحل اليوم الذكرى المئوية الأولى لوضع حجر الأساس للجامعة المصرية (جامعة القاهرة الآن) فى 30 مارس 1914..
كان ذلك اليوم المجيد تتويجاً لحلم ظل يراود النخبة المصرية على مدى عقود منذ أن حمل رفاعة رافع الطهطاوى والمبعوثون الذين أوفدهم محمد على للدراسة فى أوروبا لواء الدعوة إلى إنشاء جامعة على غرار الجامعات التى تعلموا فيها ونقلوا إلى المصريين عنها ما أظهر الفجوة الهائلة بينهم وبين العالم الذى أخذ بأسباب التقدم. ويعود إلى الزعيم الوطنى مصطفى كامل الفضل فى تبنى هذه الدعوة إلى أن أصبح إنشاء الجامعة مطلباً عاما دفع العديد من الوجهاء والأمراء إلى التبرع لها فى إطار اكتتاب عام، كما يعود إلى الأميرة الجليلة فاطمة ابنة الخديو إسماعيل الفضل فى إنقاذ مشروع إنشاء الجامعة من التعثر عندما تبرعت بنحو ستة أفدنة قرب قصرها فى الجيزة لتُقام هذه الجامعة عليها، كما أوقفت عليها مساحة كبيرة بلغت 661 فداناً من أفضل أطيانها فى الدقهلية مساهمة منها فى النفقات الجارية التى تحتاجها الجامعة. وبذلك صار ممكنا وضع حجر الأساس لهذه الجامعة فى احتفال سجل عدد من المؤرخين أهم وقائعه التى عبرت عن انتقال الحلم المصرى من إنشاء الجامعة إلى نشر نور التعليم والمعرفة، وتخريج نخبة أكاديمية على مستوى رفيع، وعبرت «الأهرام» عن هذا الحلم فى ذلك اليوم التاريخى متوقعة أن تتسع الجامعة وتمتد أروقتها ويتقدم العلم فيها ويقبل الطلبة عليها. وقد تحقق هذا الحلم بعزيمة المصريين وإرادتهم، فتقدم العلم فى الجامعة الأم وصار لها شأنها على المستوى الأكاديمى فى العالم لعدة عقود قبل أن يتراجع هذا المستوي، خاصة منذ ستينيات القرن الماضي، ويموت أحد أبرز روادها وهو د. طه حسين حزيناً بسبب هذا التراجع الذى حدث فى التعليم الجامعى بوجه عام.
فقد اقترن التوسع الكمى فى الجامعات بتدهور نوعى فى مستوى التعليم فيها، ورغم أن هذا التدهور صار مفزعاً لأن فرص تقدم الأمم يرتبط بعوامل فى مقدمتها مستوى التعليم، فلا يبدو أننا خائفون أو حتى قلقون، ولذلك ينبغى أن تكون الذكرى المئوية للجامعة، التى كانت ذات يوم رفيعة المستوى بحق، مناسبة لتأمل ما أصبح عليه التعليم والبحث فى كيفية إنقاذه، فما تحتاجه جامعتنا أكبر بكثير من الأمن الذى لم يعد لنا اهتمام إلا به، ولا حديث إلا عنه.
نقلاً عن "الأهرام"