د. وحيد عبدالمجيد
يرتبط تقدير المصريين لأسرة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بحب معظمهم له رغم أخطائه التى باتت معروفة.
ولكن هذا الحب، وما ينطوى عليه بالضرورة من تقدير لأسرته إكراماً له، يعود لأسباب يبدو أن بعض أبناء هذه الأسرة لا يقدرونها حق قدرها. وأهم هذه الأسباب هى أن الزعيم الذى قام بأكبر دور فى ترسيخ فكرة العدالة الاجتماعية ومبدأ المساواة لم يقبل أبداً أن يكون لأى من أفراد أسرته وضع خاص أو متميز عن غيرهم من المصريين، بخلاف ما فعله الرئيس الأسبق حسنى مبارك ناهيك عما سعى إليه وعاجلته ثورة 25 يناير قبل أن يحققه.
وفضلاً عن حرص الزعيم الراحل على أن يكون أبناء أسرته وغيرهم من المصريين سواء بسواء، فقد أراد أيضاً ألاَّ يكون لهم أو لأى منهم فيه أكثر مما للمصريين فى مجموعهم. فكان عبد الناصر لمصر وللمصريين، بل للعرب كلهم, وليس لأسرة أو أية جماعة ضيقة. وكان هذا أحد أسباب رفضه النظام الحزبى حتى لا يكون لأعضاء حزبه أكثر مما لغيرهم. وكان هذا خطأً كبيراً وقع فيه بحسن نية بل بدافع نبيل.
ولذلك لا يحق لأى من أفراد أسرة عبد الناصر أن يتحدثوا عنه كما لو أنهم يملكون فيه أكثر من غيرهم من المصريين، وأن يستخدموا اسمه فى سياق يتعلق بالانتخابات كما لو أنهم يعبرون عنه.
فأحد أهم مقومات عظمة عبد الناصر أنه استمد شرعيته من الشعب عبر انحيازه إلى أغلبيته ومن خلال إنجازاته التى حققها، وليس نتيجة انتمائه إلى عائلة أو عصبية كبيرة. ولا يصح بالتالى بعد كل هذا إعطاء أى انطباع بارتباط شرعية عبد الناصر بأسرته الصغيرة وهو الذى انتسب إلى أمة العرب كلها. ويتطلب ذلك أن نحرص جميعنا على عدم الزج باسمه قى سياق ساسى مختلف أشد الاختلاف0 حتى لا نسئ اليه دون قصد فى لحظة تشهد احتفاء غير مسبوق به منذ رحيله. غير أن فى بعض جوانب هذا الاحتفاء نفسه ما ينبغى أن يدفع محبيه إلى القلق نتيجة الزج باسمه فى سياق سياسى يختلف تماماً عن المرحلة التى برزت فيها زعامته.
فليتنا نرحم عبد الناصر و ننأى به وبتاريخه عن الوضع الراهن بما فيه من التباسات بعد أن دار الزمن عدة دورات منذ رحيله قبل نحو 44 عاماً.