د. وحيد عبدالمجيد
يثير حصول صحفيتى «واشنطن بوست» الأمريكية و«جارديان» البريطانية على جائزة «بوليتزر» العريقة للصحافة قبل أيام تكريما لهما, بسبب نشرهما وثائق سرية سربَّها المستشار السابق فى وكالة الأمن القومى الأمريكى إدوار ستودن,
التساؤل عن الفرق بين هذا النوع من التسريبات الصحفية وما يفعله بعض وسائل الإعلام المصرية ويدخل فى إطار انتهاك أخلاقيات الإعلام والقواعد المتعارف عليها فى مواثيق الشرف التى تتضمن هذه الأخلاقيات.
فهذه وتلك تسريبات تم نشرها أو بثها بمنأى عن القواعد التى تنظَّم تداول المعلومات. ولكن المسافة شاسعة بين الحالتين. وهى لا تقتصر على الفرق بين تسريب وثائق أراد أصحابها إخفاءها وعدم إطلاع أحد عليها، وبين تسجيل أحاديث فى جلسات خاصة أو مكالمات هاتفية دون علم المسجل لهم وخارج إطار القانون ثم إعطاء التسجيلات إلى وسائل إعلام مختارة من أجل بثها بدون أساس قانونى أيضاً.
كما أن الفرق كبير بين النشر لمصلحة عامة واضحة هى فضح برامج تجسس واسعة النطاق على ملايين الأشخاص بمن فيهم رؤساء دول وحكومات من ناحية، والبث لتحقيق مصلحة خاصة تتمثل فى الإساءة إلى بعض الأشخاص ومحاولة تشويههم نتيجة خلاف سياسى معهم من ناحية ثانية.
والفرق هائل أيضا بين تسريبات تهدف إلى وضع حد لطغيان مؤسسة أمنية بحجم وكالة الأمن القومى التى تضم جميع أجهزة الأمن والاستخبارات الأمريكية، وأخرى تعبر عن تغول جهاز أمن ليس فقط على حرية الأفراد ولكن أيضاً على خصوصياتهم التى يحميها القانون ويعاقب على انتهاكها.
وقل مثل ذلك عن الفرق بين من سرَّب وثائق بهدف حماية العالم من طغيان السلطات الأمنية الأمريكية بكل ما يتضمنه ذلك من تضحية، ومن سرَّب تسجيلات لمصلحة جهاز أمنى يريد معاقبة أشخاص أو الانتقام منهم.
لذلك كله, وغيره مما لا يتسع المجال له, تدخل التسريبات التى نشرتها «واشنطن بوست» و«جارديان» فى إطار الأعمال الصحفية التاريخية التى تواجه الطغيان والفساد، بعكس تلك التى بثتها وسائل إعلام مصرية.
"الأهرام"