بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
حدثان مهمان يمكن أن يجعلا 2019 عام نجيب محفوظ، أو عام التنوير الثقافى. أولهما، والأكثر أهمية، هو افتتاح متحف نجيب محفوظ الذى نأمل أن يتم فى مارس المقبل وفق ما هو معلن، وألاَّ يؤجل مرة أخرى. والثانى تطوير جائزة نجيب محفوظ، التى أطلقتها وزارة الثقافة، ورفع قيمتها بعد تحويلها إلى جائزة عربية.
ولما كان نجيب محفوظ أحد أبرز رواد التنوير الثقافى العربى، فلماذا لا نعلن 2019 عاما لهذا التنوير الذى تراجع فى العقود الأخيرة؟ لم يكن إبداع رائد الرواية العربية منفصلا عن حالة ثقافية فى مرحلة أضيئت خلالها مصابيح منيرة فى النصف الأول من القرن الماضى، واستمرت بزخم أقل بعد منتصفه اعتمادا على الأساس الذى نهضت عليه، ثم أخذت فى التراجع.
شملت تلك الحالة الآداب والفنون والفكر، وبرز فيها مثقفون لعبوا أدوارا مشابهة أو قريبة مما أداه أوروبيون فى القرن التاسع عشر. ولذلك أطلق على نجيب محفوظ مثلا فلوبير العرب، على أساس أن صاحب مدام بوفارى التى تُرجمت إلى العربية أكثر من مرة، وصدرت آخر ترجمة لها فى القاهرة عام 2017، يُعد رائد الرواية الواقعية فى الأدب الأوروبى.
كما أُطلق على توفيق الحكيم مثلاً أندريه جيد العرب على أساس أن صاحب مسرحية المزيفون التى ترجمت بدورها إلى العربية مرات، هو رائد المسرح الفكرى أو الفلسفى فى أوروبا.
كما حفلت تلك المرحلة برواد فى مجالات عدة. كان لطفى السيد ومحمد حسين هيكل وطه حسين والعقاد ومنصور فهمى من أهم رواد الفكر الحديث، وفتح محمد ناجى ويوسف كامل ومحمود سعيد آفاقاً جديدة أمام تطور الفن عبر دورهم الريادى فى الرسم والتصوير. وقام بالدور نفسه فى فن النحت محمود مختار.
تبدو هذه المرحلة الآن بعيدة تفصلنا عنها مسافات عقلية وفكرية كبيرة رغم أنها قريبة زمنيا، بعد أن تنامت تيارات دينية وغوغائية سعت إلى إطفاء المصابيح التى أُضيئت خلالها، وأصبح المجتمع نفسه أكثر محافظة وانغلاقا ونفورا من التجديد والتحديث. فليتنا نحاول إضاءة هذه المصابيح مرة أخرى، بدءاً بإعلان 2019 عاما للتنوير.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع