بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
لم يكد النسيان يطوى واقعة الإساءة للاعبى المنتخب الفرنسى بول بوجيا وعثمان ديمبلى خلال مباراة ودية مع المنتخب الروسى فى ملعب سانت بطرسبرج فى آخر مارس الماضى، حتى لاح شبح العنصرية مجدداً عشية بدء المونديال عندما اتهم يايا توريه المدير الفنى لفريق مانشستر سيتى بأنه عمد إلى تهميشه بسبب بشرته السوداء.
أعلن توريه الشهر الماضى مغادرة الفريق الإنجليزى الذى لعب فى صفوفه ثمانية أعوام، وأسهم فى تتويجه بلقب كأس الاتحاد الأوروبى عام 2011، وبطولة الدورى الإنجليزى فى العامين 2012 و2014، بعد أن تضاءلت مشاركته فى المباريات منذ تعيين جوسيب جوارديولا مديراً فنياً فى صيف 2016. وأرجع مغادرته إلى ما اعتبره تحيز جوارديولا ضد ذوى البشرة السوداء فى كل الأندية التى عمل فيها، رغم أن توريه لم يوجه إليه مثل هذا الاتهام حين كانا معاً فى فريق برشلونة بين العامين 2007 و2010.
وليس هناك ما يؤكد اتهام اللاعب الإيفوارى الأصل ضد المدير الفنى الأكثر تألقاً فى الدورى الإنجليزى. غير أن هذا الاتهام جدد المخاوف من أن تطل العنصرية برأسها فى مونديال روسيا، وأعاد إلى الأذهان الإيماءات المسيئة للاعب الغينى الأصل بوجيا، واللاعب الذى يحذر من أصل مالى (من جهة والده) ديميلى، حيث كان بعض المشجعين الروس يصدرون أصواتاً تشبه أصوات القرود كلما وصلت الكرة إلى أحدهما.
وبغض النظر عن مدى جدية هذه المخاوف، تبقى العنصرية إحدى الآفات التى لم تتخلص منها كرة القدم رغم أن القواعد التى تقوم عليها، والضوابط التى تحكمها، تبدو أكثر عدالة ومساواة من أى مجال آخر فى الأنشطة الإنسانية. فليس ممكناً فصل هذه اللعبة عن البيئات الاجتماعية والثقافية، والأجواء المرتبطة بها. ولذلك يتأثر حضور العنصرية فيها بهذه الأجواء التى تختلف من مجتمع إلى آخر، ومن وقت إلى آخر أيضاً فى المجتمع نفسه.
ولعل أبرز دليل على ذلك عدم وجود أثر للعنصرية فى المنتخب الفرنسى الذى يخوض مونديال 2018، بخلاف الحال فى مونديال 2010 الذى خرج فيه من الدور الأول لأسباب كان من أهمها التفكك الذى أصابه حينها، وتم تحميل لاعبيه ذوى الأصول الإفريقية المسئولية عن خيبته, وصُبت عليهم لعنات الفرنسيين عقب الخروج المهين.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع