بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
دخلت الشركات العملاقة الأكثر تقدما فى مجال تكنولوجيا المعلومات مرحلة جديدة فى تمددها الذى يبدو بلا نهاية. التمدد الجديد سيكون على حساب وسائل الإعلام التقليدية. تعرض شركة «جوجل» على صحف وقنوات تليفزيونية مساعدتها فى الحصول على إعلانات لمواقعها الإلكترونية بعد أن وصل تراجعها فى سوق الإعلان إلى مستوى الخطر، ومنطق «جوجل» هنا واضح وبسيط للغاية: وسائل الإعلام التقليدية تنشئ مواقع إلكترونية سعيا إلى تعويض تراجع الإقبال على الصحف المطبوعة والقنوات التليفزيونية. ولكن إقبال المعلنين على هذه المواقع أقل من المستهدف0 وبناء على هذا التشخيص، تصف «روشتة» علاج فحواها أن جذب أعداد كبيرة من الناس إلى المواقع الالكترونية لوسائل الإعلام التقليدية يتطلب أن يقوم مُحرك البحث «جوجل» بإرشادهم إليها. ويقتضى أداء هذا الدور إعداد مواد صحفية وصور وفيديوهات لحساب «جوجل» فيضعها على رأس صفحات مُحَّرك البحث مع إشارة إلى أنها من إعداد هذه الصحيفة أو ذلك التليفزيون، وبالتالى تزداد فرص الاطلاع عليها أو مشاهدتها, حيث يُوجه هذا المحرك الأشخاص الذين يستخدمونه إليها. وقد يغرى ذلك بعضهم، أو الكثير منهم حسب الحال، على فتح الموقع الإلكترونى للصحيفة أو القناة التليفزيونية لتصفح أو مشاهدة مواد أخرى.
والفكرة هنا هى إتاحة الفرصة لوسائل إعلام تقليدية للاستفادة مما أصبح يُعرف فى العالم الرقمى بالميل المتزايد إلى «مصيدة النقرس» أو click bait التى تعطى كبرى شركات تكنولوجيا المعلومات مزايا تزداد كل يوم، عن طريق إقامة شراكة بين الطرفين. وسيكون على وسائل الإعلام التى تعقد هذه الشراكة أن تُقدم أفضل المواد التى تنتجها إلى «جوجل» لإتاحتها لأكثر من مليار مستخدم لمُحرك البحث الأكثر شهرة فى العالم اليوم.
ويتحرك «فيس بوك» و«سناب شات» فى الاتجاه نفسه، ولكن مع تركيز على الفيديوهات بشكل خاص بعد أن أطلق «فيس بوك» خدمة «ووتش» التى تهدف إلى منافسة «تويتر».
وعندما تعرف أن شركتى «جوجل» و«فيس بوك» تسيطران على نحو ثلثى إيرادات الإعلانات الإلكترونية، يصح السؤال المحورى هنا: إلى أى مدى يمكن الحديث عن شيء من التكافؤ بين أى منهما ووسائل الإعلام التى تدخل فى شراكة مع أحدهما؟.