بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
الخلاف على آثار تفاقم عدم المساواة موجود فى معظم بلدان العالم، وفى مختلف الفئات الاجتماعية فى كل منها، بما فى ذلك الشرائح الأكثر ثراء التى تستفيد كلما ازدادت المسافات بينها وبين باقى المجتمع.
وقد أثرتُ هذه القضية والجدل حولها فى اجتهادات الاثنين الماضى (18/12)، تحت عنوان (هل هى كارثة حقاً؟). وطالعتُ بعدها رسالة وجهها أكثر من 400 ملياردير ومليونير أمريكى إلى الكونجرس لمناشدته عدم تخفيض الضرائب على أمثالهم، وعدم قبول مشروع الرئيس ترامب الذى تم تمريره الاربعاء الماضى بدعوى ضرورته من أجل (تحفيز النمو وزيادة الوظائف فى الولايات المتحدة)0 انطلقت رسالة رافضى تخفيض الضرائب من وجهة النظر التى ترى أن تفاقم عدم المساواة الاجتماعية يُمَّثل كارثة ينبغى العمل من أجل تفاديها، وجاء فيها أن (نواب الحزب الجمهورى وشيوخه يرتكبون خطأ فادحاً بتخفيض الضرائب على الأثرياء فى الوقت الذى ازدادت ديون الولايات المتحدة، ووصلت اللامساواة إلى مستويات أسوأ مما كانت عليه فى عشرينيات القرن الماضي) أى قبل سياسة «النيوديل» لمواجهة الكساد الكبير فى الثلاثينيات.
ولم يكتف أصحاب الرسالة بمطالبة الكونجرس بعدم تمرير أى قانون ضريبى يزيد من حالة عدم المساواة، بل دعوا إلى رفع الضرائب على الأثرياء أمثالهم، ونبهوا إلى أن تقليل الضرائب على الأثرياء يؤدى إلى مزيد من تخفيض الإنفاق على الصحة والتعليم وخدمات أساسية.
ويرد أنصار تخفيض الضرائب بأن هذا هو السبيل الوحيد الذى يعرفونه لضخ مزيد من الاستثمارات فى الاقتصاد، على أساس أن الأموال التى ستوفرها الشركات بعد هذا التخفيض ستُستخدم فى الاستثمار. ويبنون على ذلك أن تخفيض الضرائب ليس انحيازاً إلى الأثرياء، بل وسيلة لتحفيزهم على زيادة استثماراتهم وتشجيع آخرين على الاستثمار. ومؤدى موقفهم هذا أن زيادة ثروات الأثرياء تعد خيراً للمجتمع، وليس العكس.
وما هذا إلا مثال واحد على الجدل المنتشر فى غير قليل من بلدان العالم حول آثار زيادة ثروات الأثرياء وما يقترن بها من تفاقم عدم المساواة، وهل تؤدى إلى كارثة اقتصادية - اجتماعية، أم إلى تنشيط الاقتصاد.
الحوار، إذن، مفتوح فى العالم حول هذه القضية التى تعنينا فى مصر أيضاً، ونحتاج إلى حوار جاد وموضوعى حولها.