د. وحيد عبدالمجيد
ينبغى التمييز فى القضايا المتعلقة بالأمن القومى المصرى بين نقد موضوعى لأداء الحكومة أو رئيس الجمهورية سعياً إلى تعزيز موقفهما فى أى من هذه القضايا، والمهاترات التى لا تجوز فى هذا النوع من القضايا.
والحال أن المزاودات على الأداء التفاوضى المصرى فى قضية سد النهضة الإثيوبى بدأت تدخل فى إطار المهاترات سعياً إلى إثبات فشل هذا الأداء أو تقصيره أو قصوره. ومن شأن هذه المهاترات أن تؤدى إلى توتر المفاوض بدلاً من أن تساهم فى تدعيم موقفه فى مفاوضات هى بطابعها صعبة ومعقدة، لأنها بدأت بعد البدء فى بناء السد فى حين كان واجباً أن تسبقه بسنوات طويلة كان الإعداد لهذا البناء واضحاً فيها.
فقد بدأ العمل فى السد الإثيوبى فى أبريل 2013، بعد أن استغرق الإعداد له أكثر من عشر سنوات. ويتحمل نظام حسنى مبارك المسئولية الأولى عن الوضع البالغ الصعوبة الذى تواجهه مصر الآن فى هذا المجال، كما فى مجالات كثيرة أخري.
وينبغى أن نضع هذا كله ضمن حساباتنا عندما نُقيَّم الأداء التفاوضى المصري، الذى يسير بصورة جيدة فى مفاوضات معقدة ومتأخرة كثيراً عن الوقت الذى كان ينبغى أن تبدأ فيه.
وقد حقق المفاوضون المصريون تقدماً معقولاً فى الجولة السداسية الأخيرة التى انتهت الثلاثاء الماضى فى الخرطوم، لأسباب أهمها التحضير الجيد لها والذهاب إليها بمقترحات محددة لوضع "خريطة طريق" فنية تضمن التفاهم على فترات ملء خزان السد, وعدم تأثير عملية التخزين خلالها على حجم المياه التى تتدفق إلى مصر.
كما أن تسريع وتيرة التفاوض بحيث يكون الفاصل بين جولة وأخرى أقصر ما يمكن قد يُعَّوض عن مطلبنا وقف البناء إلى أن تنتهى الدراسات التى يجريها مكتبان استشاريان.
فالهدف الأساسى من المفاوضات هو ضمان عدم تأثير عملية ملء خزان السد على حصة مصر من مياه النيل. وإذا أضفنا إليه السعى إلى اتفاق لحصول مصر على جزء من الطاقة الكهربائية التى سيُوَّلدها السد بسعر منخفض، يمكن أن تكون هذه بداية لتحويله إلى مشروع تنموى إقليمى بالفعل.
والمهم الآن هو أن يعيد المزاودون على موقف المفاوضين المصريين النظر فى أسلوبهم، ويوقفوا التسخين الذى قد يؤدى إلى نتائج سلبية, ويضعوا انتقاداتهم فى إطار أكثر موضوعية.