د. وحيد عبدالمجيد
لا نعرف بعد محتوى البرنامج الذى ستقدمه الحكومة الى البرلمان عندما يلتفت الى مسئولياته التى انشغل عنها بلائحة طال إعدادها والنقاش والتشاجر حولها0 كان مفترضا أن تعلن الحكومة هذا البرنامج منذ تشكيلها0 ولكنها أغفلت ذلك لشهور0 والمهم الآن أن يكون برنامجا حقيقيا، وليس سجلاً يضم بعض المشاريع0
ولا نعرف أيضا هل تدرك الحكومة أن برامج الحكومات فى هذا العصر ترتبط بمفهوم استدامة التنمية الذى أخذ فى التبلور عبر تقارير عدة للأمم المتحدة وغيرها، ونقاشات فى كثير من المحافل الدولية، منذ انعقاد قمة الأرض فى ريودى جانيرو عام 1992.
ويقوم هذا المفهوم على عدة مقومات أساسية تُعد كلها مهمة، ولكن يكتسب ثلاثة منها أهمية خاصة فى المرحلة الراهنة، وهى ربط النمو الاقتصادى بالعدالة، وتحقيق تنمية اجتماعية شاملة، أى تشمل الغذاء والصحة والتعليم والطاقة فى إطار منظومة متكاملة تدمج المهمشين فى المجتمع، وتغير أنماط الاستهلاك والإنتاج لتكون أكثر تركيزاً على الحاجات الأساسية، وحرية كل إنسان رجلاً كان أم امرأة فى الاختيار والتعبير عن نفسه والمشاركة فى إدارة الشأن العام فى بلده.
وبغض النظر عن تبنى الحكومة برنامجاً يقوم على هذه المقومات من عدمه فمن الضرورى أن تلتزم بها فى سياساتها العامة. وفى دستورنا الجديد ما يتيح ذلك، وخاصة النصوص التى تُلزم الحكومة بتخصيص نسب محددة من الإنفاق العام للصحة والتعليم والبحث العلمي.
فتنص المادة 18 على تخصيص نسبة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى للإنفاق على الصحة، على أن تزداد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتُلزم المادة 19 الحكومة بالأمر نفسه فى مجال التعليم قبل الجامعى على أن تكون النسبة 4%. وتكمل المادة 21 ذلك بتخصيص نسبة 2% من الناتج القومى الإجمالى للتعليم العالي، والمادة 23 بتخصيص نسبة 1% من هذا الناتج للبحث العلمي.
ولم نجد فى موازنتى 2014-2015، و 2015-2016 ما يدل على الالتزام بهذه النصوص، وفق ما حددته المادة 238 وهو أن يبدأ تنفيذ هذه المواد اعتباراً من تاريخ العمل بالدستور (18 يناير 2014)، على أن يكتمل تخصيص النسب المحددة فى موازنة 2016-2017 التى بدأ العمل فى إعدادها. وهذا اختبار حقيقى للحكومة، سواء فيما يتعلق ببرنامجها، أو فى أدائها على وجه العموم.