د. وحيد عبدالمجيد
لا حاجة البتة لتعديل الدستور الجديد لتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية لأنها واسعة بما يكفى. وهى نفسها ما كان منصوصاً عليها فى دستور 1971 مع تعديلات طفيفة. وهذا هو ما يفهمه من يعرفون أن العلاقة بين رئيس الجمهورية والبرلمان فيما يتعلق بتعيين رئيس الحكومة ترتبط بالواقع وليس بالنص الدستورى.
فاذا جاءت أغلبية عادية (50% + 1) معارضة للرئيس، أو حتى مؤيدة ولكنها معترضة على شخص رئيس الوزراء، لابد من تغييره حتى إذا لم يكن هناك نص دستورى على ذلك.
ولذلك فرغم أن الرئيس الأسبق حسنى مبارك وحاشيته كانوا مهيمنين على كل شىء، فقد انزعجوا عندما لم يحصل حزبهم رسمياً إلا على 34% فى انتخابات2000 و38% فى انتخابات 2005، حين فاز “المنشقون” عليه فى معظم الدوائر. وأدى ذلك إلى إعادة هؤلاء “المنشقين” الذين هرولوا مجدداً إلى الحظيرة.
غير أن النظام شبه الرئاسى، الذى يأخذ به الدستور،هو الذى يجعل رئيس الجمهورية “رجل الأمة” وفق التعبير الذى كان أثيرا لدى الرئيس الفرنسى الراحل شارك ديجول أحد أبرز من بلوروا المعالم الأساسية لهذا النظام. فصلاحيات الرئيس أقوى وأوسع فى النظام شبه الرئاسى منه فى النظام الرئاسى الكامل، بخلاف ما يظن من يزعمون أن هناك ضرورة لتعديل دستور لم يبدأ تفعيله أصلاً.
وإذا كان هؤلاء الذين يُسيئون فهم طبيعة النظامين يزعجهم دور البرلمان فى الموافقة على رئيس الحكومة فى النظام شبه الرئاسى، فليعلموا أن الرئيس مُلزم بالحصول على موافقة هذا البرلمان على جميع وزرائه (سكرتيريه) وكبار موظفى السلطة التنفيذية فى النظام الرئاسى. وفى امكان البرلمان أن يرفض أياً منهم، وما على الرئيس إلا اختيار شخص آخر.
ولما كانت فرنسا هى “النموذج” الذى يُعتد به بشأن النظام شبه الرئاسى، فليرجع اليه من لا تكفيهم صلاحيات الرئيس فى دستورنا الحالى.
ولذلك فالأرجح أن مقصد الداعين إلى تعديل الدستور هو العصف بالحقوق والحريات التى يضمنها الباب الثالث الرائع والمعطل حتى الآن، ولكن بذريعة توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية. وهذا أمران مختلفان لا علاقة بينهما. فليت من يريدون التعديل يفصحون عن حقيقة مقصدهم ويكفون عن التحايل.