د. وحيد عبدالمجيد
يتابع كثيرون الصراع بين سائقى التاكسى الأبيض وشركات تأجير السيارات الجديدة التى تمثل فروعاً لشركات عالمية، مثل شركة «أوبر» Uber الأمريكية الأصل، كما لو أنها مجرد «خناقة شوارع» على النحو الذى نتعامل به مع كثير من الصراعات فى مجالات مختلفة الآن.
فالمفترض أن هذا صراع مصالح، وأنه بالتالى أمر طبيعى، لأن المصالح تختلف وتتعارض. والمفترض ترتيباً على ذلك أن يكون الحوار هو السبيل إلى حل هذا النوع من الصراعات كما يحدث فى العالم الذى يزداد ابتعادنا عنه كل يوم.
فالحوار ينجح ويُنتج فى مناخ عام طبيعى نفتقده فى مصر بسبب الاحتقان والتوتر السائدين على مختلف المستويات، وفى ظل غياب القواعد والمعايير الموضوعية، فضلاً عن تدنى حالة المعرفة العامة فى المجتمع.
ولذلك يدير سائقو التاكسى الأبيض الغاضبون الصراع مع الشركات الجديدة بطريقة بدائية. فهم لا يعرفون أن هذه الشركات التى طاردوا بعض العاملين معها لتسليمهم إلى الشرطة مسجلة وتعمل فى إطار القانون.
ولكن الأهم من ذلك هو أنهم لا يعرفون شيئاً عن هذه الشركات التى تنافسهم، ولا يعون أن شركة مثل «أوبر» بدأت بمبادرة صغيرة لشابين أمريكيين لم يجدا ذات يوم عام 2008 سيارة أجرة تنقلهما فى مهمة كانت عاجلة.
ولذلك فكرا فى استخدام تكنولوجيا الاتصال الإلكترونى لحل مشكلة يعانى كثيرون منها. وما إن حل عام 2012 حتى كانا قد أسسا مع آخرين شركة فى سان فرانسيسكو تعمل وسيطاً بين من يرغبون فى استخدام سياراتهم الخاصة للحصول على دخل، ومن يبحثون عن تاكسى حديث وبطريقة حديثة وسهلة عن طريق تطبيق إلكترونى يمكن تحميله على الهواتف الذكية.
ولذلك فبدلاً من «خناقات الشوارع»، يمكن للجادين من سائقى التاكسى الأبيض تحويل تحدى الشركات الجديدة إلى فرصة للانتقال إلى حالة أكثر تقدماً بإحدى طريقتين. الأولى هى العمل مع إحدى الشركات. وهنا يتطلب الأمر وسيطاً رسمياً وآخر مجتمعيا ليتيسر الحوار فى هذا الاتجاه، وإقناع الشركات بتمويل تكلفة تحديث سيارات السائقين الراغبين فى العمل معها، على أن يسددوها خصماً من مستحقاتهم على مدى فترة يُتفق عليها.
أما الطريقة الثانية فهى النظر إلى دخول الشركات الجديدة إلى السوق بوصفه حافزاً لتحسين خدمة التاكسى الأبيض، الذى سيظل قادراً على المنافسة لأن تكلفة سيارات تلك الشركات ليست فى متناول كثير من مستخدمى هذا التاكسى.