توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التحالفات الانتخابية المرتبكة.. وأزمتها المركبة

  مصر اليوم -

التحالفات الانتخابية المرتبكة وأزمتها المركبة

د. وحيد عبدالمجيد

واضحة هى مظاهر الارتباك فى الجهود المبذولة منذ أكثر من شهرين لبناء تحالفات انتخابية تتيح للأحزاب حضوراً معقولاً فى مجلس النواب القادم، وتساعدها فى التغلب على شىء من الصعوبات التى تواجهها بسبب نظام الانتخاب الحالى. فبدون تحالفات كبيرة، ستكون العواقب وخيمة.

وعندما يقل الطلب على السياسة فى المجتمع، يزداد الانصراف عن الأحزاب وتتنامى بالتالى الصعوبات التى تواجهها فى الانتخابات. ومن هنا الأهمية القصوى لبناء تحالفات انتخابية ربما يجوز اعتبارها مسألة حياة أو موت، وقضية حضور أو اختفاء، بالنسبة إلى بعض الأحزاب أو كثير منها.

ويساهم الشعور بهذا الخطر فى إرباك التحركات المتعلقة ببناء تحالفات انتخابية. فقد سعى معظم الأحزاب المشاركة فى هذه التحركات إلى استكشاف الموقف فى المشاريع الأولية لتحالفات عدة طُرحت خلال الأسابيع الأخيرة، بما يتطلبه ذلك من انتقال من تحالف إلى آخر، أو حضور لقاءات تتعلق بأكثر من تحالف فى الوقت نفسه.

وستظل هذه السيولة فى التحركات المتعلقة بالتحالفات الانتخابية حتى يحل موعد تقديم طلبات الترشح. وعندئذ ربما تتمخض كل هذه التحركات عن كثير من التحالفات الصغيرة الضعيفة بدرجات متفاوتة، والتى يضم كل منها عدداً محدوداً من المكونات (أحزاب وحركات ومنظمات) يتراوح بين اثنين وأربعة فى الأغلب الأعم.

والأرجح أن يكون عدد التحالفات المحتملة أكبر مما يمكن تخيله فى ظل المشهد الراهن الذى تسوده آمال عريضة فى بناء تحالفات كبيرة. فكلما ضمت التحالفات أعداداً أكبر من المكونات، قل عددها. والعكس صحيح بطبيعة الحال.

ولكن هذا العكس هو الأرجح. وسيبدأ المشهد فى التغير باتجاه تحالفات صغيرة كثيرة عندما تدخل المفاوضات فى تحديد عدد مرشحى كل حزب أو حركة فى هذا التحالف أو ذاك.

ومن الظلم تحميل الأحزاب وحدها المسؤولية عن هذا الوضع، لأن ثمة عاملين لكل منهما دوره فى إعاقة بناء تحالفات انتخابية كبيرة. أولهما نظام الانتخاب الذى يسمى فى العالم «النظام الأغلبى» ونسميه فى مصر «النظام الفردى»، والذى يعتبر «نظام القائمة المطلقة» هو وجهه الآخر لأن القاعدة فى كل منهما هى فوز من يحصل على الأغلبية المطلقة أى 50 % + 1 بالمقعد (الفردى) أو جميع المقاعد (القائمة) وخسارة كل المنافسين حتى إذا حصل أحدهم على 49 %.

وفى ظل صغر مساحة الدائرة، يصبح التنافس الحقيقى محصوراً بين الأفراد الأقوى فى كل دائرة، وإذا كانت الأحزاب هى الخاسر الأول فى هذا النظام فالدولة والمجتمع هما الخاسر الأكبر، لأن هذا نظام انتخابى يعزز المصالح الخاصة ويزيدها توحشاً فى لحظة تشتد فيها الحاجة إلى استعادة قيمة المصلحة العامة التى ضمرت تدريجياً خلال العقود الثلاثة الأخيرة.

ولذلك لن يكون لكثير من الأحزاب مكان فى المجلس القادم إلا من خلال السعى للحصول على مكان فى قائمة قوية. وهذا يفسر جانبا أساسياً من الارتباك الذى يسود التحركات «التحالفية».

وثمة عامل ثان لا يقل أهمية، وهو ضعف ثقافة الائتلاف والعمل المشترك فى الثقافة السياسية، كما فى ثقافة المجتمع عموماً. وعندما يقترن هذا الضعف بهشاشة القيم الديمقراطية أيضاً، وطغيان المصالح الخاصة، لابد أن يكون بناء تحالفات انتخابية فى مثل صعوبة محاولة إقامة صناعات ضخمة فى مجتمع تقليدى أو بدائى.

فالأزمة ليست فى ضعف الأحزاب فقط. إنها أزمة مركبة مرتبطة بالمستوى المنخفض لتطور المجتمع وثقافته والحدود الضيقة لعقله العام والأفق المحدود لصانعى سياساته والصندوق القديم الصدئ الذى تخرج منه هذه السياسات حتى الآن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحالفات الانتخابية المرتبكة وأزمتها المركبة التحالفات الانتخابية المرتبكة وأزمتها المركبة



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon