توقيت القاهرة المحلي 12:30:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الثورة .. وصورة الطاغية

  مصر اليوم -

الثورة  وصورة الطاغية

د. وحيد عبدالمجيد

عندما يقرأ أى عربى ما كتبه الكاتب السورى طلال المهيمى ذات يوم عن صورة الطاغية الأسبق حافظ الأسد، يشعر بأنه يعبر عنه. كتب المهيمى: (أذكر حين كنت أحدَّق فى صورة حافظ الأسد مطبوعة أو معلقة فى أى مكان صورة ثابتة لا تتغير. لا تكبر ولا تهرم. لا تمرض ولا تسعل ... صورة جرى تدجين أجيال من الأطفال على أنها لبطل منقذ خارق).
وتعود أهمية هذا الكلام عن الصورة إلى أنها أداة رئيسية فى عملية صناعة الزعيم الطاغية فى العصر الحديث منذ أن صارت من أهم المواد المستخدمة فى هذه الصناعة، إلى جانب اللغة أو الخطاب الذى يعمل فريق متخصص لإخراجه بالطريقة التى تحقق التأثير المطلوب، ويتلقفه فريق ثان من "الكومبارس" تطوعاً أو إرغاماً لترويجه ونسج الأساطير حوله.
وبسبب مركزية دور الصورة فى صناعة الزعيم الطاغية، يتغير أسلوب التعامل معها تغيراً كاملاً حين يعود الوعى إلى الناس فيثورون عليه. فالصورة التى كانت "مقدسة" تُطل على الشعب من كل مكان لتذَّكرهم بما يمكن أن يلقاه من يخرج على الصف، وكان رفعها فى المناسبات تعبيراً عن أعلى مراتب الوطنية، هى نفسها التى تُمزَّق أو تُحرق حين تدور الدائرة على الزعيم الطاغية.
وينطبق ذلك على التماثيل التى تُصنع للأشد طغياناً، إذ يكتسب تحطيمها عند إسقاطه مغزى يتجاوز الطابع الرمزى لهذا الفعل، كما حدث لتمثال صدام حسين الذى اُعتبر أحد أهم مشاهد عام 2003. وفى هذا المستوى الأعلى للطغيان، والذى كان صدام حسين أحد ابرز حالاته، لا يقنع الطاغية وأركان نظامه بالصورة الثابتة التى لا تتغير. فنجد إلى جانبها، لوحات عدة تمثله جالساً أو واقفاً، ومتبسماً مرة ومكشراً عن أنيابه أخرى، مع تنوع فى الثياب، ربما لدرء الملل عن الناس الذين يصبحون على وجه الزعيم ويُمسون معه.
وما أن يتحرر ضحايا صناعة صورة الزعيم من خوفهم ويثوروا عليه حتى تصبح هذه الصورة، وما يعادلها من لوحات وتماثيل، هدفاً للغضب المتراكم فى صدورهم.
وينطوى استهداف صورة الطاغية فى هذا السياق على حالة نفسية، وليست فقط سياسية. فالصورة الممزقة أو المحطمة تعبر عن نظرة المتحررين من الطاغية إليه وقد أصبح عارياً، بعد أن فقد ثوب السلطة الذى اجتهد فى حياكته أعوان أجادوا لسنوات أداء مهمتهم فى خداع الناس وطمس وعيهم. فالعلاقة وثيقة بين الصورة المادية التى يمزقها الثائرون بعد أن كانت تحاط بطقوس شبه مقدسة، والصورة السياسية التى يكتشفون حقيقتها بعد أن كانوا مخدوعين فيها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورة  وصورة الطاغية الثورة  وصورة الطاغية



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon