د. وحيد عبدالمجيد
ما أكثرها المعضلات التى ستواجه الرئيس القادم فور دخوله قصر الاتحادية. ومن أهم هذه المعضلات التى سيكون عليه أن يحدد موقفه تجاهها معضلة كبار المستثمرين ورجال الأعمال وغيرهم من أصحاب المصالح الضخمة الذين امتلكوا قوة هائلة خلال العقود الثلاثة الأخيرة وتعودوا على أن تلبى الدولة مطالبهم وتحقق لهم رغباتهم.
وإذا كانت الميليشيات المسلحة التى تمارس الإرهاب بأنماطه المختلفة تمثل تحدياً كبيراً للرئيس القادم، فليس من المبالغة القول إن تحدى «الميليشيات» الاقتصادية والمالية قد يكون أكبر فى حالة إصرارها على أن تضع مصالحها الخاصة فوق مصلحة الوطن على النحو الذى حدث طوال العقود الماضية وحتى اليوم.
فمازال أصحاب المصالح الخاصة الكبرى يفرضون إرادتهم ويرفضون تحمل مسئوليتهم الوطنية والاجتماعية فى لحظة تشتد فيها الحاجة إلى تعاون الجميع من أجل إنقاذ البلاد.
فقد فرضوا على الحكومة استخدام الفحم الذى يعتبر أحد أخطر مصادر التلوث لزيادة أرباحهم على حساب المجتمع الذى تتفشى فيه الأمراض لأسباب أهمها انتشار هذا التلوث. ولم يكتفوا بذلك، بل فرضوا على الحكومة أن تحمَّل الفقراء تكلفة البنية الأساسية اللازمة لاستيراد الفحم، فى الوقت الذى يؤدى إحجامهم عن المساهمة فى إنقاذ الاقتصاد إلى تبنى هذه الحكومة خطة لخفض الدعم على حساب أغلبية الشعب بدءاً بقرار رفع أسعار الغاز الطبيعى المستخدم فى المنازل.
كما فرضوا إجراء تعديل بالغ الخطر ومناقض للدستور(مرة جديدة) فى قانون ضمانات وحوافز الاستثمار لتحصين العقود التى تبرمها معهم ومنع رفع دعاوى لإبطال أى عقد يترتب عليه إهدار مال عام، وبذلك لم يعد فى امكان القضاء أن يقوم بدوره السابق الذى أدى إلى إصدار أحكام ببطلان عدد من العقود ثبت فسادها.
وهكذا سيكون موقف الرئيس القادم تجاه ضغوط «الميليشيات» الاقتصادية والمالية وطمعها ونهمها الذى لا سقف له هو الاختبار الأول الذى يواجهه.
"الأهرام"