د. وحيد عبدالمجيد
الفن ثورة. هكذا قال الكاتب الفرنسى ألبير كامو، قاصداً الفن المبدع الحقيقي، وليس الاتجار بالفن. ولذلك يصبح المعنى أدق إذا قلنا إن بعض الفن ثورة. وكذلك الحال بالنسبة إلى الفنانين.
وتقدم ثورة 25 يناير دليلاً جديداً على ذلك. فقليل من الفن أسهم فى رفع الوعى العام قبلها. و لكن غير قليل من الفنانين شاركوا فيها أو أيدوها.وإذا أخذنا السينما مثالاً، لكونها أكثر تأثيراً، ربما نعود إلى "عصفور" يوسف شاهين بوصفه أبرز الإرهاصات الأولي. وظل يوسف شاهين فى مقدمة مبدعى هذا النوع من الفن فى عدد من أفلامه وأهمها مع خالد يوسف "هى فوضي"، إلى جانب بعض أعمال على بدرخان مثل "الجوع" و"أهل القمة"، ثم "قص ولزق" لهالة خليل، و"عمارة يعقوبيان" لعلاء الأسوانى ومروان حامد، و"عين شمس" لإبراهيم البطوط، و"بنتين من مصر" لمحمد أمين، وغيرها.
وبالنسبة إلى الفنانين، يأتى فى الصف الأول من "قائمة الشرف" من شاركوا فى تظاهرات 25 يناير امتداداً لمواقفهم الوطنية الديمقراطية قبلها مثل خالد أبو النجا وجيهان فاضل وتيسير فهمى وعمرو واكد وفتحى عبد الوهاب ويسرى نصر الله وأحمد ماهر وعمرو سلامة وغيرهم.
وكان هناك عدد أكبر بكثير-لا يتسع المجال للأسف لذكرهم- فى مقر نادى نقابة الممثلين مساء الخميس فى 27 يناير، عشية جمعة الغضب الحاسمة.
وظل هؤلاء الذين سيخلَّد التاريخ مواقفهم فى صف الثورة عندما تعرض بعض شبابها للقمع فى أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء خلال 2011، بل قدم بعضهم استقالاتهم من مؤسسات فنية رسمية احتجاجاً على هذا القمع، مثل يسرى نصر الله ومجدى أحمد على وأحمد عبد الله وتوفيق عبد الحميد.
وكان لمجلس نقابة المهن التمثيلية ونقيبها حينئذ أشرف عبد الغفور موقف محترم تجاه أحداث محمد محمود. ولا ننسى موقف وزير الثقافة الرائع وقتها عماد أبو غازى عندما بادر بالاستقالة.
ورغم أن المجال لا يتسع لذكر جميع الفنانين الذين سيخلد التاريخ مواقفهم مع الثورة، ينبغى أن نحييَّ الكبار المخضرمين منهم، وفى مقدمتهم عمر الشريف وصلاح السعدني، وأن نتحسر فى الوقت نفسه على مواقف فنانين أظهرت الثورة مدى ضحالتهم الثقافية وتدنى وعيهم العام واستغراقهم فى مصالحهم الخاصة الضيقة.