د. وحيد عبدالمجيد
ليس واضحا بعد ما اذا كنا مستعدين جديا لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من «مؤتمر أصدقاء مصر». وهذا هو الاسم, الذى استخدمه الرئيس السيسى فى كلمته أمام الوفود العربية والاجنبية بعد حلفه اليمين, للإشارة إلى «مؤتمر المانحين» الذى دعا إليه العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز فى مبادرة كريمة.
فالحديث عن مؤتمر يحضره أصدقاء مصر لدعم اقتصادها, وليس لتقديم بعض المنح والمعونات, ينطوى على معنى يتجاوز الحرص على الكرامة الوطنية إلى تحديد دور هذا المؤتمر.
فقد حصلت مصر خلال أقل من عام على مساعدات تُقَّدر بنحو 51 مليار جنيه لم يظهر لها أثر يُذكر لأن معظمها لم يرتبط بمشاريع استثمارية. فهذه المشاريع، التى تحقق عائدات مستمرة ومتزايدة توجد فرص عمل فى مجتمع أشبعته البطالة إحباطاً وتشوهاً وليس فقط فقراً، هى أكثر ما تحتاجه مصر فى الفترة المقبلة.
ولذلك ينبغى أن يكون هدف المؤتمر هو تحريك الاقتصاد المصرى وإنهاء حالة الركود التى يرقد فيها عبر استثمارات عامة وخاصة. ولابد أن يقترن ذلك بإعداد تصور متكامل لهذه الاستثمارات، من حيث القطاعات ذات الأولوية والمواقع المناسبة لها والتكلفة التقديرية لكل مشروع، فى إطار «خريطة استثمارية» شاملة تقوم على أسس واقعية تأخذ فى الاعتبار المشكلات الفعلية وخاصة مشكلة الوقود وكيفية توفيره لتلك الاستثمارات.
فالمؤتمر، بهذا المعنى، ليس لجمع حفنة أموال سائلة تُنفق خلال شهور، بل للمساهمة فى وضع الأساس اللازم لتحريك الاقتصاد وتنميته من خلال الاستثمار وليس عبر تقديم بضع منح ومعونات.
وإذا عُقد المؤتمر على هذا النحو، ربما يكون بداية فى الوقت نفسه لتغيير ثقافة «المنحة» التى كرستها عقود التخلف وسوء الإدارة سواء لدى الأفراد «المنحة يا ريس» أو فى السياسات العامة الخائبة فى معظمها.
فليكن هذا مؤتمراً مختلفاً عن مؤتمرات مانحين لم يحقق معظمها المرجو منها لا من حيث المبالغ التى كان متوقعاً جمعها، ولا من زاوية الأثر الفعلى الذى ترتب عليها0 وينطبق ذلك على مؤتمرات عدة استضفنا واحداً منها فى القاهرة عام 2010 لمصلحة إقليم دارفور السودانى .