د. وحيد عبدالمجيد
"يبدو الفوز الأكبر لتنظيم القاعدة خلال السنوات العشر الأخيرة في انتشار أيديولوجيته في منطقة واسعة من شمال نيجيريا، وفي كافة أنحاء شمال إفريقيا وفي الصومال وكينيا، فضلا عن اليمن والعراق وسوريا".
كان هذا هو تقدير مايكل موريل نائب مدير المخابرات المركزية الأمريكية الذي تقاعد في العام الماضي لوضع تنظيم "القاعدة" في إطار محاضرة عن الإرهاب العالمي ألقاها في منتدي نظمه "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني" في واشنطن يوم 29 أبريل الماضي.
وتزامن تقديره هذا تقريباً مع قيام جماعة إرهابية مرتبطة بتنظيم "القاعدة" باختطاف نحو 2400 تلميذة في ولاية بورنو في شمال شرق نيجيريا، أي في المنطقة التي وضعها موريل في صدارة المكاسب التي حققها هذا التنظيم في العقد الأخير.
وإذا علمنا أن هذه الجماعة لم يكن لها سوي وجود هامشي قبل 11 عاماً فقط، يصبح ضرورياً التساؤل عن عوامل تنامي قوتها لكي نستوعب الدروس التي تنطوي عليها ونحن نواجه الإرهاب في مصر.
وفي مقدمة هذه الدروس أن الاعتماد علي الأداة الأمنية وحدها لا يحقق انتصاراً علي الإرهاب، بل قد يؤدي إلي انتشاره خاصة في حالة الإفراط في استخدام القوة.
وهذا هو ما حدث عندما ظهرت جماعة "طالبان نيجيريا" عام 2003 في أكثر مناطق نيجيريا تخلفاً وفقراً وجهلاً. فقد تصدت قوات الأمن لهذه الجماعة وهي في المهد صغيرة، في غياب سياسة متكاملة لتغيير البيئة البائسة التي أنتجتها وتعرضت الجماعة لضربات أمنية موجعة دفعتها إلي مزيد من التطرف وخاصة بعد استهداف نساء قادتها وأعضائها. وقامت بتغيير اسمها إلي "جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد" التي صارت تُعرف إعلامياً باسم "بوكوحرام" نتيجة تركيز الإعلام علي أحد أهدافها وهو رفض التعليم الغربي. وتعني "بوكوحرام" بلغة الهاوسا أن "التعليم الغربي حرام". وبلغت الضربات الأمنية ذروتها باعتقال زعيمها محمد يوسف وقتله عام 2009. وبدا حينئذ أن عقد هذه الجماعة انفرط، وأن أمرها انتهي.
غير أن ما حدث هو أن أعضاءها أعادوا تنظيم أنفسهم، في الوقت الذي كانت السلطات النيجيرية غارقة في وهم القضاء عليهم.وصاروا أكثر شراسة نتيجة العقاب الجماعي واستهداف نسائه, فهل نستوعب الدرس؟
"الأهرام"