توقيت القاهرة المحلي 09:08:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فريق رئاسى حديث أم «حاشية سلطانية»؟

  مصر اليوم -

فريق رئاسى حديث أم «حاشية سلطانية»

وحيد عبد المجيد

يلعب «رجال الرئيس» دوراً كبيراً يتجاوز فى بعض الأحيان ما يتصوره كثيرون. يحدث ذلك فى مختلف الدول بغض النظر عن طبيعة النظام السياسى. نجد هذا الدور فى نظم ديمقراطية متقدمة. وإذا أردنا فهم سياسة الولايات المتحدة تجاه مصر الآن، ينبغى أن نتابع بدقة الخلافات بين «رجال الرئيس» باراك أوباما (وتعبير الرجال هنا مجازى يعنى المحيطين به بمن فيهم النساء). كما نجد مثل هذا الدور فى أكثر النظم استبداداً وديكتاتورية.
والفرق بين دور «رجال الرئيس» من بلد إلى آخر يتركز فى نوعهم وطبيعة دورهم وهل يمثلون فريقاً معاوناً يعمل بإخلاص وبطريقة جماعية لإنجاز الأهداف المرسومة وخدمة الشعب، أم يستغلون كلهم أو بعضهم نفوذهم فى أكثر مؤسسات الدولة أهمية لتحقيق مصالح خاصة لهم وخدمة فئات بعينها، فيصبح هذا الفريق صورة جديدة للحاشية الفاسدة فى النظم السلطانية أو للقلة المتغولة (الأوليجاركية) فى النظم الجمهورية.
ومن هنا أهمية اختيار «رجال الرئيس» الآن بطريقة تضمن أن يكونوا من النوع الأول، بخلاف ما حدث منذ عهد أنور السادات وحتى فترة محمد مرسى، مروراً بعصر حسنى مبارك. كان «رجال الرئيس» أقرب إلى «الأوليجاركية» فى مرحلتى السادات (نصفها الثانى بصفة خاصة) ومبارك. ولذلك كانوا هم رعاة العلاقة الشيطانية التى تنامت بين السلطة والثروة. وكان «رجال الرئيس» فى حالة مرسى أقرب إلى «حاشية سلطانية» فريدة من نوعها لوجود «سلطانين» أحدهما رسمى فى القصر (الاتحادية) والثانى فعلى فى المقر (المقطم).
ورغم هذا الاختلاف، ظل النظام السياسى فى مصر منذ منتصف السبعينيات «سلطانياً» على النحو الذى شهده العصر المملوكى وفردياً «فرعونيا» فى آن معا.
فقد بقيت مصر على مدى هذه العقود أسيرة نظام يحمل الطابعين الفرعونى والمملوكى. وكان الرئيس مزيجاً من «الفرعون» الذى لا تحد سلطته حدود، و«السلطان» الذى لم تكن يده طليقة فى معظم فترات العصر المملوكى بمرحلتيه لأن استشراء نفوذ بعض «رجاله» (ومكتب إرشاده فى حالة مرسى) وضع لسلطته حدوداً.
فلم يكن الرئيس «فرعوناً» كاملاً على عكس الانطباع السائد وبخلاف ما كان السادات يعتقد حين قال (أنا وعبدالناصر آخر فراعنة مصر). ففى عصرنا هذا، لا يستطيع رئيس مهما بلغت شهوته للسلطة وقدرته على السيطرة أن يحكم منفرداً إلا فى بلاد صغيرة ومحدودة المشاكل. أما فى البلاد المتوسطة والكبيرة الحجم، ناهيك عن أن تكون كثيرة المشاكل، فلا يستطيع أى رئيس أن ينفرد بالسلطة بشكل كامل حتى إذا أراد ممارسة هذه السلطة بطريقة احتكارية باتت تفوق طاقة البشر فى هذا العصر بتعقيداته التى لم تكن كذلك فى عصور سابقة.
ولا يستطيع أى شخص ممارسة السلطة التنفيذية بكل مستوياتها وتفاصيلها الدستورية والفعلية التى تتجاوز الدساتير، فضلاً عن إدارة الهيمنة على السلطة التشريعية بكل مفرداتها، طول الوقت حتى إذا كان «سوبر رئيس». فحتى إذا توفرت له قدرة أسطورية ومعرفة موسوعية وتمكن من الإحاطة بتفاصيل هائلة، لا يسعفه الوقت لأن سلطته الواسعة لا تتيح له أن يصدر قرارا لإضافة ساعة أو أكثر إلى الساعات الأربع والعشرين فى اليوم.
وفى غياب مؤسسات ديمقراطية يقوم كل منها بدوره، يضطر الرئيس الفرد لأن يحكم ويمارس سلطاته من خلال «رجاله» الذين يحيطونه. وعندئذ تختلط سلطة الرئيس المطلقة «الفرعونية» بحكم القلة من أصحاب النفوذ والقوة الذين كان أمراء المماليك أبرز مثال لهم فى تاريخنا إذا لجأنا إلى منهج القياس على هذا التاريخ فى حقبه المختلفة
ويبدأ تشكل النظام «الفرعونى والمملوكى» على هذا النحو بتحول «رجال الرئيس» من فريق رئاسى إلى «حاشية سلطانية» يتنامى نفوذ كبارها الذين يرتبطون بأصحاب المصالح الخاصة فى غياب مؤسسات ديمقراطية.
ولذلك يقترن تحدى اختيار فريق رئاسى صالح بتطوير مؤسسات الدولة ورفع مستوى كفايتها فى إطار العمل لبناء دولة المؤسسات التى لم يُحقق بلد فى هذا العصر تقدماً إلا فى ظلها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فريق رئاسى حديث أم «حاشية سلطانية» فريق رئاسى حديث أم «حاشية سلطانية»



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon