توقيت القاهرة المحلي 05:36:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كَفْر له سيرة

  مصر اليوم -

كَفْر له سيرة

د. وحيد عبدالمجيد

لم يعرف العرب كتابة السيرة الذاتية إلا حديثاً عندما احتكوا بالعالم الحديث وتأثروا بالمعرفة الجديدة فيه، وكثر هذا النوع من الكتابة فى العقود الأخيرة، وأصبح مألوفاً لنا. 

ولكن كتاب المثقف اللبنانى الكبير فرحان صالح (كفرشوبا: قصة حب وسيرة مكان)، والصادر عن المجلس الأعلى للثقافة مؤخراً، ليس سيرة ذاتية له، رغم أنه لا يخلو من هذه السيرة. إنه كتاب فى سيرة المكان حين ترتبط بسيرة الإنسان ارتباطاً عميقاً لا انفصام فيه. 

وكفرشوبا هى بلدة صغيرة فى جنوب لبنان نشأ فيها صالح وارتبط بها. ولكنه لم يكتب سيرتها بسبب هذا الارتباط الوجدانى بالمكان فقط، بل لأن هذا المكان شهد بحكم موقعه على الحدود بين لبنان وفلسطين وسوريا أحداثاً كبيرة على مدى عقود. 

كتب فرحان سيرة هذه البلدة، وكأنه يكتب سيرته الذاتية، فتداخلت السيرتان بحيث لا يستطيع القارئ فصلهما، رغم أن الموضوعى فى الكتاب يطغى على الذاتى فى معظم الأحوال. إنه شعور لا يستطيع الإنسان أن يقاومه حين يكون مشدوداً إلى مكان يكتب تاريخه الاجتماعى والاقتصادى والثقافى، وليس فقط ما شهده من أحداث سياسية. 

ولكنه لا يكتب هذا التاريخ بمنهج المؤرخ، بل بلغة أديب يربط سنوات وعيه الأولى فى بلدته بحياتها وسكانها، ومن بينهم عائلتهم الفلاحية. 

ورغم أنه غادر كفرشوبا إلى بيروت، وهو فى الثانية عشرة من عمره، ليكمل دراسته ويعمل، فقد ظل فيها بروحه، قبل أن يعود إليها مقاوماً للاحتلال ومستعداً لبذل هذه الروح فداءً لها ولأمته. 

فقد التحق بالمقاومة عام 1968 ليس لمجرد أن كفرشوبا كانت من البلدات التى دفعت ثمن النضال العربى ضد الصهيونية، ولكن لأن تكوينه القومى جعله فى قلب هذا النضال طول الوقت. 

ومع ذلك فربما كان المكان الذى ارتبط به دافعاً بدوره إلى اختياره الانتماء إلى القومية العربية. ولنتأمل قوله: (الأرض بين شوبا اللبنانية والجولان وفلسطين كشرايين الجسد: وحينما ضُربت الشرايين فى فلسطين، أخذ الضعف يبرز فى كل من سوريا ولبنان، وفى بقية أنحاء الجسم العربى. هذه البيئة المشتركة تأثرتُ بها كما غيرى. ومنها بدأت ترتسم الملامح الأولى لهمومى ولشخصيتى السياسية). 

ومن هذه الملامح، التى لم يتطرق إليها صالح، إيمانه القوى بالتنوع والتعدد والاختلاف على كل صعيد، وسعيه المستمر إلى نشر قيم التنوير، لكى تتفتح الزهور فى مجتمعاتنا العربية المجدبة ثقافياً وفكرياً. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كَفْر له سيرة كَفْر له سيرة



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon