د. وحيد عبدالمجيد
مثيرة هى ردود الفعل الواسعة ضد ترشح أمين التنظيم فى الحزب الوطنى المنحل أحمد عز لانتخابات مجلس النواب. أغرب ما فيها هو أنها توحى بأن المشكلة الوحيدة فى هذا المجلس هى ترشح عز فى دائرة يبدو فوزه فيها مرجحاً.
فكأن وجوده فى مجلس النواب القادم سيكون بقعة سوداء فى ثوب نظيف جميل رائع. وكأن هذا المجلس «كامل الأوصاف»، ولا نقيصة فيه إلا وجود هذا الرجل بين أعضائه.
ولكن الواقع أن وجود أحمد عز فى المجلس القادم لن يكون هو أسوأ ما فيه، لأسباب تتعلق به شخصياً وبهذا المجلس فى آن معاً.
فإذا كانت المدفعية الثقيلة المصوبة ضده تتعلق بدوره فى نظام حسنى مبارك، فهو ليس الوحيد الذى ترشح من أركان هذا النظام. فهناك من تحرك ضد الثورة، ومن تآمر عليها، ومن شارك فى الإعداد لغزوة «موقعة الجمل» وبُرئ لعدم كفاية الأدلة القانونية لدى المحكمة رغم وجودها على كل صعيد. ولم يكن عز بين هؤلاء لأن نظام مبارك ضحى به منذ البداية أملاً فى أن يبقي.
والحال أنها ليست مفهومة هذه الحملة الهائلة ضد شخص واحد فى الوقت الذى بلغ عدد المرشحين ممن كانوا فى مستويات تنظيمية عليا فى حزبه (الوطنى المنحل) أكثر من مائة فى اليومين الأول والثانى فقط لتقديم طلبات الترشح. وليست هذه إلا بداية السيل المنهمر من مرشحى هذا الحزب، الذى استُخدم فى فرض قبضة النظام الأسبق على الدولة والمجتمع قبل أن يفكر عز فى الانضمام إليه.
وإذا كان عز مقصوداً بصفة خاصة لاتهامه بأداء دور متميز فى إفساد الحياة السياسية خلال العقد السابق على الثورة، فهناك من يُفسدون الأجواء العامة كلها الآن وبطريقة قد تمتد آثارها لأكثر من عقد قادم، وربما يصبح ما فعله هو من أعمال الهواة مقارنة بما يفعلونه اليوم.
وحين يكون أصحاب الأموال والعصبيات هم أغلبية أعضاء المجلس القادم، فأى خطر يمثله عز فى هذه الحالة، علماً بأنه لم يعد فى الصف الأول لشبكة قوى الرأسمالية المتوحشة التى تحشد إمكاناتها وخدمها الآن لضمان أوسع حضور لها فى هذا المجلس؟
ولذلك لن يضيف وجود عز فيه إلى سوءاته شيئاً يُذكر، ولن يؤدى منعه من الترشح إلى انتخاب مجلس يليق بمصر ويستطيع أداء المهمات الكبرى المطلوبة من أى برلمان يُنتخب فى ظل دستور جديد.