بقلم د. وحيد عبدالمجيد
تابعت على مدى أسبوع كامل ما قاله عدد من الوزراء الجدد الذين التحقوا بحكومة المهندس شريف إسماعيل. قرأتُ تصريحات لبعضهم فى صحف ومواقع الكترونية، وسمعتُ اثنين منهم فى مداخلتين هاتفيتين خلال مشاركتى فى حلقة من برنامج “الصورة الكاملة” خصصتها الأستاذة ليليان داود وفريق العمل فى هذا البرنامج لموضوع التعديل الوزارى.
والملاحظ أن كل ما صدر عن هؤلاء الوزراء يدل على عدم وجود خطة محددة للعمل. وحين نتأمل مجمل كلامهم بعد أسبوع على التحاقهم بالحكومة، نجد أن معظمه يتعلق بتفاصيل لا تدخل ضمن عمل الوزير فى الحكومات الحديثة. ففى هذا النوع من الحكومات يكون الوزير مسئولا فيها عن السياسة العامة التى تُعد جزءاً لا يتجزأ من رؤية الحكومة وبرنامجها. فالوزير فى عصرنا هذا يُختار على أساس معرفته برؤية الحكومة واقتناعه بها وقدرته على أداء المهام المحددة له فيها. وترتبط هذه المهام بالبرنامج المحدد الذى تتبناه الحكومة، وينبثق من الرؤية التى تسعى إلى تحقيقها فى مدى زمنى معين.
وهذا هو دور الوزير فى أية حكومة حديثة يكون جزءاً من منظومتها التى يتكامل أداء الوزارات فى إطارها، فلا تصبح جزراً معزولة عن بعضها البعض على النحو الذى يحدث فى مصر. ومطلوب من الوزير فى الحكومة الحديثة أن يعمل فى إطار هذه المنظومة، وليس بمعزل عنها.
وفى هذه الحالة يكون الوزير مدركا منذ اللحظة الاولى دوره ومهامه الأساسية’ التى لا تشمل بالتأكيد الأوضاع الإدارية فى الوزارة، بتفاصيل العمل اليومى، التى يقوم بها وكيل هذه الوزارة أو وكلاؤها. ولأن هذا هو نمط العمل فى الحكومات الحديثة، فالمفارقة أنه كان موجوداً فى مصر من قبل، وخاصة فى الفترة التالية لإصدار دستور 1923.
ونجد ما يفيد ذلك فى مذكرات بعض وزراء تلك المرحلة، مثل «قصة حياتى» لأحمد لطفى السيد الذى تولى وزارة المعارف العمومية عام 1928. فقد روى أنه لم يشتغل إلا بتطوير عمل هذه الوزارة فى إطار برنامج الحكومة، ولم تكن له معرفة بموظفيها أو من أسماهم «موظفى الديوان» لأن أمرهم ينبغى تركه لوكيل الوزارة.
كان لدينا هذا المفهوم الحديث لدور الوزير قبل ما يقرب من قرن كامل، واستمر لعقدين فقط بعده، وبقى جزئياً فى عقدين تاليين، قبل أن ينحسر بدءاً من منتصف السبعينيات ويصبح هذا الدور عشوائياً كالكثير من جوانب حياتنا.