توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل يقل خطر الدولة الدينية إذا لم تكن «إخوانية»؟

  مصر اليوم -

هل يقل خطر الدولة الدينية إذا لم تكن «إخوانية»

د. وحيد عبدالمجيد

استمدت ثورة 30 يونيو إحدى أهم دعائم قوتها من القلق الذى ازداد على مستقبل الدولة المصرية ومصيرها منذ وصول جماعة «الإخوان» إلى السلطة. وكان الخوف من تحويلها إلى دولة دينية أحد أبرز دوافع هذا القلق الذى أنتج زخماً غير مسبوق لفكرة «الدولة المدنية» فى تلك الثورة وبُعيدها.
غير أن هذا الزخم أخذ فى التراجع بسرعة. وظهر أول مؤشر واضح لهذا التراجع فى المساومات التى حدثت بشأن النص المناسب لوصف طبيعة الدولة فى الدستور الجديد، بدءا باستبعاده من متنه ليكون النص عليه فى الديباجة فقط. غير أن هذا النص الذى أسفرت عنه المساومات فى النهاية اقتصر على مدنية الحكومة لا الدولة: (دولة ديمقراطية حديثة، حكومتها مدنية).
ولا بأس فى هذا النص؛ لأن ما يضمن مدنية الدولة هو حكومتها بالمعنى الواسع، أى نظام الحكم فيها بكل مكوناته التنفيذية والتشريعية وبتأثيره القوى والمباشر على طريقة إدارة شؤون البلاد وقدرته – إذا رغب وأراد – على وضع الدين فى مكانه الطبيعى وهو الحيز الخاص للإنسان وإعادته بالتالى من الساحة السياسية التى تمدد فيها إلى هذا الحيز المرتبط بإيمان الإنسان وعلاقته بربه.
ولذلك لم تكن المشكلة فى النص نفسه بمقدار ما كانت فى منهج المساومات وما ينطوى عليه من دلالة على أن دور الدين لا يرتبط بمبدأ عام ثابت مستمد من معنى الدولة المدنية، بل بالظرف السياسى المتغير. ومؤدى هذه الدلالة أن موقع الدين ليس محدداً فى إطار الحيز الخاص، الأمر الذى يعنى استمرار حضوره فى الساحة السياسية والمجال العام رغم أن القلق من تنامى هذا الحضور كان أحد أهم دوافع ثورة الشعب فى 30 يونيو.
وتثير الوقائع التى تؤكد استمرار الدين فى المجال العام واستخدامه سياسياً سؤالاً ضرورياً عما إذا كان القلق الذى تنامى وساهم فى اندلاع تلك الثورة كان من دولة دينية «إخوانية» على سبيل التحديد أم من الدولة الدينية بوجه عام، وهل يزول خطر هذه الدولة أو حتى يقل لمجرد أنها ليست «إخوانية»؟ والحال أن استمرار حضور الدين فى المجال العام يحمل فى طياته خطر الدولة الدينية بغض النظر عن وجود «الإخوان» فيها من عدمه. ويظل هذا الخطر ماثلاً حتى إذا اختفى «الإخوان» تماماً، لأن هذا الخطر لا علاقة له بجماعة محددة أو بأخرى ولا حتى بدين أو مذهب دون غيره.
ومن الطبيعى أن تتباين التقديرات بشأن هذا الخطر حتى من جانب أنصار الدولة المدنية بمعناها الدقيق الذى يضع الدين فى مكانه الطبيعى فى إطار الحيز الخاص وبمنأى عن المجال العام والنشاط السياسى. ولذلك، فلكى يدقق كل منا تقديره لمدى هذا الخطر، وبعد أن تحدث الرئيس السيسى فى خطابه فى قصر القبة الأحد الماضى عن بناء دولة مدنية، نسوق هنا عدداً من الأسئلة الكاشفة التى يتعين أن نجيب عنها باستقامة:
- هل تعرف الدولة المدنية استخداماً للدين فى استفتاءات أو انتخابات؟ وهل يُعقل أن يصل هذا الاستخدام، حتى إذا حدث على سبيل الاستثناء، إلى الخلط بين العملية الانتخابية التى تنتمى إلى العصر الحديث والبيعة التى تناقض أسس الديمقراطية وتعود بالمجتمع إلى العصور الوسطى؟
- ما الفرق فعلياً بين الحث على المشاركة فى انتخابات والدعوة إلى مقاطعتها على أساس دينى، فيكون الذهاب إلى لجان الاقتراع حلالاً هنا وحراماً هناك؟ وهل يجوز أصلاً فى دولة مدنية تحويل الفتاوى الدينية إلى أسلحة سياسية تُشحذ فى مواجهة بعضها البعض؟
- إذا كانت القيم الأخلاقية ضرورة فى الدولة المدنية، وهى كذلك لأنها دولة مبادئ بحق، فهل يجوز ربط هذه القيم بدين واحد؟ وأليست القيم الأخلاقية مشتركة بين الأديان، وألا يُعد احترام هذه الأديان كلها أحد أهم الأسس التى تقوم عليها الدولة المدنية؟
- هل تتدخل أى مؤسسة دينية فى الثقافة العامة، ناهيك عن السياسة، فى الدولة المدنية؟ وهل ينسجم مع مقومات هذه الدولة مراقبة مؤسسة دينية للإبداع بمختلف أشكاله والسماح به أو منعه؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يقل خطر الدولة الدينية إذا لم تكن «إخوانية» هل يقل خطر الدولة الدينية إذا لم تكن «إخوانية»



GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... من سيكتب الدستور؟

GMT 10:02 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

اكتب أنت يا عندليب!

GMT 10:00 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أُهدى جائزتى.. إلى جريدتى

GMT 09:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الزمن الإسرائيلى

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon