د. وحيد عبدالمجيد
ليس معقولاً أن تكون طريقة الزعيم سعد زغلول المتعالية تجاه شباب ثورة 1919 وطلابها، كما غيرهم، قدوة لنا اليوم بأى حال. وهذا بافتراض أن المقارنة جائزة أصلاً بعد ما يقرب من قرن كامل دار الزمن خلاله عدة دورات.
ومع ذلك فلكى تكون أي مقارنة عبر الزمن موضوعية ومنتجة، لا يمكن إغفال المتغيرات التى حدثت، وخاصة حين تكون فارقة بكل معنى الكلمة.
وفضلاً عن فرق الزمن، واتصالاً به فى الوقت نفسه، تضاعفت نسبة الشباب (من 15 إلى 30 عاماً) عدة مرات إلى إجمالى المصريين.فالمجتمع المصرى الآن شاب بل فتى، بخلاف ما كان عليه قبل قرن من الزمن. ومن الطبيعى، والحال هكذا، أن تزداد أهمية دور الشباب، فضلاً عن التطور الذى حدث فى وعى قطاع كبير منهم ونظرتهم إلى الحياة بفعل ثورة الاتصالات والمعلومات.
ولذلك يقل بينهم من يقبل التعامل معهم كما بطريقة من يعرف مصلحتهم، وليس فقط مصلحة الوطن، أكثر منهم.فقد أصبحت هذه الطريقة، التى ارتبط تاريخيا بالفكر المحافظ القائم على أن الحكمة تتراكم عبر الزمن ليس إلا، منهجاً رجعياً تماماً الآن.
وحتى إذا نسينا هذا كله واعتبرناه كأن لم يكن، فالزعيم سعد زغلول ليس من بين القادة الذين يُقتدى بهم فى تعاملهم مع الآخرين صغاراً وكباراً رغم كل عظمته. فقد تعامل مع الكبار قبل الشباب باعتباره فوق الجميع، واخترع تعبير «حق الزعامة» لتبرير تعاليه واحتكاره القرار والخيار.
وهذا معروف من وقائع سجلها التاريخ بدءاً برفضه أن يختار الحزب الوطنى القديم ممثلين فى الوفد حين تأسيسه، واختار هو اثنين محسوبين على هذا الحزب كان يأنس لهما.
ولم يتسامح سعد باشا مع رأى خالفه فى أي لحظة. ولذلك فعندما اختلف معه معظم أعضاء الوفد، عصف بهم متذرعاً بـ «حق الزعامة» وجاء بغيرهم. فهو بحكم تكوينه لم يكن يطيق لا حماس الشباب المتشدد ولا حكمة الكبار المعتدلين.
ولذلك يصعب أن نعتبره نموذجاً فى القيادة حتى فى عصره، ناهيك عن زمننا. فلم تكن مشكلته مع حماس الطلاب أو الشباب فقط0 كانت مشكلته مع الجميع .. مع كل من لم يعمل وفق أوامره وتعليماته.