توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المجتمع العميق للإخوان والسلفيين

  مصر اليوم -

المجتمع العميق للإخوان والسلفيين

بقلم عمار علي حسن

استضافنى «بيت السنارى» الذى تديره مكتبة الإسكندرية أمس الأول، السبت، لألقى محاضرة حول بحثى «المجتمع العميق للإخوان والسلفيين فى مصر»، فبدأتها بالقول إن السلطات التى تعاقبت على حكم مصر ساهمت بشكل واضح فى تعزيز قدرة جماعة الإخوان والتيار السلفى على تكوين «مجتمع عميق» فى وجه «الدولة العميقة» بالتفاهم أو التواطؤ أو التحالف أو غضّ الطرف فى فترات تاريخية ليست بالقصيرة عن التمويل ونشر الأفكار، ورغم أن السلطة كانت تصطدم بالإخوان وغيرهم من حين إلى آخر فإنها كانت لا تلبث أن تستعيدهم وتسمح لهم بالتمدد تحت سمعها وبصرها، بينما حاربت طيلة الوقت التيار المدنى بشقيه اليسارى والليبرالى، لأن ما يرفعه من مطالب حول «تداول السلطة» و«التعددية السياسية» و«توسيع الحريات» و«احترام حقوق الإنسان» و«مدنية الحكم» تبدو مسألة غير مقبولة لدى من يريدون الاحتفاظ بالسلطة، وهم مطلقو اليد، أطول فترة ممكنة.

وعرّجت فى المحاضرة على مصطلح «الدولة العميقة» المأخوذ من الأدبيات السياسية التركية، ثم مصطلح «المجتمع العميق» الذى لم أجده فى قواميس ومعاجم وموسوعات علم الاجتماع السياسى وإن كانت هناك مصطلحات متشابهة مثل «عمق المجال التاريخى» و«الفضاء الجماهيرى» و«العقل الاجتماعى العميق» و«الواقع الاجتماعى» و«الرأسمال الاجتماعى». وقلت إن أسباب ترسخ المجتمع العميق فى حياتنا يرجع لـ«جمعنة الإسلام» أو النظر إليه باعتباره «دين الجماعة» و«توالى الحقب الاستعمارية»، مما درّب المجتمع على إدارة ذاته، والتمييز متعدد الأوجه، الذى دفع المميز ضدهم إلى تعميق وجودهم للدفاع عن أنفسهم، وقدم مجتمعنا، إلى جانب طبيعة المعمار. وتطرقت إلى وجود عمق اجتماعى يساند الدولة وآخر يناهضها، وهنا تحدثت عن أفكار الجماعات المتطرفة عن «الوطن البديل» و«العزلة الشعورية» و«الاقتطاع الجغرافى من جسد الدول» و«دولة الفكرة» و«أستاذية العالم» و«إدارة التوحش». ثم شرحت وسائل التمدد الاجتماعى للإخوان والسلفيين عبر الوعظ أو الدعوة ثم التعليم وبناء المدارس، والصحة وبناء المستشفيات والمستوصفات، والتموين، والاستثمار وإنشاء الشركات الخاصة. وقد تضمّن البحث إحصاءات حول كل هذه النقاط، وحجم الأموال المتداول فيها، ومصادرها، والسند الفكرى الذى يبررها.

وشرحت بعد هذا أسباب فقدان العمق الاجتماعى تدريجياً لدى الإخوان والسلفيين إثر انكشافهم بعد ثورة يناير، ومنها أفول سحر الخطاب، وسيطرة الدولة على أغلب منافذ الوعظ ومنابره ووضعها تحت المراقبة، واستهداف مؤسسات الرعاية الاجتماعية التابعة لهم التى كان يتم استغلالها فى تعزيز وجودهم السياسى، والمواجهة الشعبية، حيث كان الإخوان فى المرات السابقة يصطدمون بالسلطة، أما هذه المرة فإن الاصطدام شمل الشعب أيضاً. وقد ترتب على هذا إعادة صياغة صورة الإخوان والسلفيين فى المخيلة الشعبية، وتقليص قدرتهم على التعبئة والتجنيد، وتزعزع المنتمين إليهم، بعد سقوط اليقين الزائف. وقد عقب على البحث الدكتور أحمد زايد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة والعميد الأسبق لكلية الآداب، فأضاف مصطلح «البنية الثقافية العميقة» وطالب بالتفرقة بين الإخوان والسلفيين فى دراسة المجتمع العميق، حيث اختلافهم فى الخطاب والطقوس والسمت، أو الهيئة والشكل، والسلوك والأهداف ولو مرحلياً. وقال إن الإخوان ينتمون فى الغالب الأعم إلى الطبقة الوسطى، بينما نجد من بين السلفيين كثيرين ينتمون إلى الطبقات الدنيا. وشرح «زايد» مفهوم الهيمنة كما جاء عند المفكر الإيطالى أنطونيو جرامشى، وقال إن الإخوان والسلفين يقيمون «هيمنة» مضادة لهيمنة الدولة، ويسعون إلى السيطرة على المجتمع بعد نزع وجود الدولة فيه. واعتبر أن مسيرة الإخوان يشوبها دوماً انقطاع نتيجة صراعهم مع الدولة، بينما مسيرة السلفيين مستمرة.

ودار نقاش عقب المداخلة والتعقيب عليها مع عدد من الحاضرين، وأغلبهم كانوا من الشباب، الذين أظهروا فهماً جلياً للموضوع، وعمقاً واضحاً فى الطرح، حتى إننى قلت لهم فى النهاية: أفادتنى مداخلاتكم وتساؤلاتكم كثيراً، وستساهم فى تعميق هذا البحث، إلى جانب الملاحظات القيّمة التى أبداها الدكتور أحمد زايد، وكذلك الباحث الأستاذ محمد العربى الذى أدار الندوة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع العميق للإخوان والسلفيين المجتمع العميق للإخوان والسلفيين



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 13:42 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon