توقيت القاهرة المحلي 09:20:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رواية عن معاناة كاتبها (2-2)

  مصر اليوم -

رواية عن معاناة كاتبها 22

عمار علي حسن

ويتصرف المؤلف أسامة حبشى فى كتابة رواية «1968»، وهو بطلها فى الوقت نفسه، على أنه قد صار من المثقفين، وراح يدلل على ذلك بذكر أسماء لأدباء وفلاسفة وعلماء كثر فى مضمون روايته منهم: المتنبى وابن خلدون وعمر بن الفارض ومحمود درويش وإدوارد سعيد ووليم شكسبير وأنطونيو جرامشى ودوستويفسكى وباندا وغيرهم، ثم يقتبس من هؤلاء مقولات وأبياتاً شعرية ينثرها فى ثنايا الرواية، لكنه لا يتباهى بكونه مثقفاً، بل يُعتصر ألماً، لأنه قد صار ضمن هؤلاء، فها هو يقول فى متن روايته: «أدخلتنى الكتابة عالم القتل الخفى، عالم القتل السرى، أدخلتنى دائرة المثقفين، وما أدراك ما المثقفين! كل شىء تحول إلى سيرك من الخداع».

ووسط انشغال بطل الرواية/ كاتبها بهمومه كمثقف أو أديب، يقتحمه السياق الاجتماعى القاتم الذى يحيط به، حيث البشر الذين أرهقهم العوز وموت الأمل فى حياة تليق بآدميين، لا سيما «نرجس»، أخت سارد الرواية، التى تموت فى النهاية فينتحر هو خلفها: «خرجت الكلمات منى بغزارة وأنا أخبط رأسى بالأرض حزناً على موت نرجس.. وكنت لا أعلم هل أنا حزين على موتها أم حزين لأنها تركتنى وحيداً، وهى تعلم أننى سأموت معها حال قررت الموت؟ كنت أنانياً فى تفكيرى حتى لحظة انتحارى». وهناك أيضاً شخصية «شهد» التى تبيع جسدها لتأكل والتى يقول عنها الراوى: «كانت شهد هى ناستاسيا دوستويفسكى».

وربما تكون الجملة التى أوردها المؤلف وتقول: «الحياة والخيال وجهان لعملة واحدة هى الإنسان. والإنسان ما هو الإنسان؟ هو محطات من التفاصيل»، هى تجسيد لما فعلته هذه الرواية بالضبط، رغم ضيق مساحتها، حيث تتنادى الشخصيات، وتتداخل المصائر، وتتسابق الأصوات لتعبر عن نفسها، وتتزاحم الأحداث وتتكدس وتتكثف متنقلة ذهاباً وإياباً فى الزمان والمكان، لتقف فى النهاية على الحافة، ناظرة إلى مدى مفتوح على جراح شخصياتها المتعبة وأتراحها.

هذا المدى يترك فى نفس من يقرأ هذه الرواية حيرة ودهشة، ويسأل نفسه: هل انتهى النص؟ هل انتحر الكاتب قبل أن يُكمل روايته؟ وهل ترك لنا نحن إمكانية إكمالها إن كانت ناقصة؟ أم أنها قد اكتملت بموت بطليها؟ لكن بغض النظر عن أى إجابات على هذه الأسئلة فإن المؤلف تمكن من توظيف تقنية نادرة، سبق أن استخدم ما يشبهها السورى خليل صويلح فى «وراق الحب»، ليجعلنا نعيش معه معاناة الكتابة، لكننا لا نعانى من معاناة القراءة، مع نص ثرى مدهش، يقف فى منتصف المسافة بين الشعر والحكاية، ويقبض على حكاية غريبة، هى واحدة من الحكايات التى ألف الكاتب البحث عنها، ويبدو مخلصاً لها، رغم توالى أعماله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية عن معاناة كاتبها 22 رواية عن معاناة كاتبها 22



GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 08:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 08:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 08:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon