توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عبدالمعطى المسيرى و«قهوته»

  مصر اليوم -

عبدالمعطى المسيرى و«قهوته»

عمار علي حسن

أرسل لى الأستاذ «كامل رحومة» رسالة تقطر ألماً من عدم إلمام بعض المسئولين عن الثقافة فى بلادنا ببعض المبدعين والمفكرين والمثقفين والحركيين فى مجال الثقافة الذين يستحقون منا أن نهتم بهم دوماً، ونحتفى بمسيرتهم ومسارهم وإبداعهم، وها هى الرسالة نصاً:
استدعانى المبدع أ.محمد ظريف مدير أوبرا دمنهور، بصفتى رئيس مجلس إدارة جمعية محبى عبدالوهاب المسيرى لرعاية الفنون والآداب؛ للتشاور فى طرح أسماء من أعلام محافظة البحيرة مؤهلة للتكريم، فتساءلت عن عدم إدراج اسم الأديب الكبير «عبدالمعطى المسيرى» صاحب مقهى المسيرى الشهير بدمنهور، ففوجئت بتعليق أحد أعضاء مجلس الإدارة: «مين عبدالمعطى المسيرى ده.. وما قيمة قهوجى حتى يشمله مثل هذا التكريم؟!».. فعزمت على بعث هذه الرسالة لشخصكم الكريم؛ اعتراضاً على ما قيل، وتوضيحاً لمن أراد أن يفهم من غير استكبار منه أو جحود؛ لذا أستميحكم تفضلاً منكم أن تأذن بنشر رسالتى والتى نصها:
«لعبت بعض المقاهى فى مصر دوراً هاماً فى الحياة الثقافية والسياسية فى النصف الأول من القرن الماضى. ومن أهم هذه المقاهى، التى كانت بمثابة جامعة أهلية للمعرفة وكذا الثقافة، مقهى المسيرى الشهير بمدينة دمنهور لصاحبه أ.عبدالمعطى المسيرى، الذى تربطه صلة قرابة بالدكتور عبدالوهاب المسيرى، لكون الأجداد أولاد عم.
وهو: الأديب الكبير، والمناضل الوطنى، والقهوجى مكتشف المواهب، والدمنهورى الفقير ابن العائلة الأرستقراطية الثرية، وأخطر أدباء القرن العشرين لفرط آثاره الثقافية على العالم العربى أجمع، والأمى تلميذ الكبار وأستاذ الكبار، والذى تتلمذ على يد توفيق الحكيم وأحمد محرم، وصاحب الجامعة الأهلية العظمى، والذى تخرج على يديه منها عظماء رجال الفكر والأدب، ومنهم من تصدروا المشهد الثقافى فى القرن الماضى، وما زالت آثارهم ممتدة عبر القرن الحالى، مثل: «محمد عبدالحليم عبدالله ومحمد صدقى وأمين يوسف غراب وخيرى شلبى ومحسن الخياط ورجب البنا وفتحى سعيد وعبدالقادر حميدة وحامدالأطمس وإسماعيل الحبروك وعلى شلش وصبرى العسكرى»، وغيرهم كثير.
قال عنه أ.رجب البنا: «هو ينتمى إلى طائفة سقراط، فأعظم ما تركه ليس كتبه، ولكن عظمته فى أنه صاحب مدرسة فى دمنهور، فمقهاه كان حقيقة مدرسة وتلاميذه اليوم فى كل مجلة وصحيفة وفى الإذاعة والتليفزيون».
ولقد قام بالتقديم لكتبه كبار الأدباء مثل: «طه حسين ومحمود تيمور». وممن أثنى على أسلوبه الأدبى صديقه عميد الأدب العربى د.طه حسين، على صفحات الصحف، وحين كتب له مقدمة كتابه «فى القهوة والأدب» قال فيه: «أحسست إعجاباً عظيما بهذا الرجل الذى ثقف نفسه، لم يختلف إلى مدرسة ولم يجلس إلى أستاذ، وإنما تعلّم القراءة والكتابة فى السوق، وأخذ يقرأ ما يذاع فى العامة، ثم قرأ لأكثر الكتاب المصريين، ثم ما نقل إلى العربية من آثار الغربيين، وهو الآن على كثرة ثقل أعباء الحياة عليه لا يستطيع أن يستقبل النهار والليل إلا قارئاً كاتباً وناقداً مفكراً. كل هذا خليق بالإعجاب وخليق بأن يحملنى على أن أهنئ هذا الكاتب الأديب تهنئة صادقة بهذا الجهد الخصب المتصل وبهذا التوفيق العظيم الذى أتيح له».
وهو نفس الكتاب الذى قال فيه المفكر اليسارى محمود أمين العالم: «صاحب المقهى الأديب عبدالمعطى المسيرى استطاع بكتابه «فى القهوة والأدب» الصادر سنة 1936م أن ينتزع من رأسى فلسفة أفلاطون ومثالياته». وكذا قد أثنى عليه المستشرق الروسى الكبير إغناطيوس كرانشوفسكى. ومما يذكر عنه أنه حينما راسل الزعيم جمال عبدالناصر طالباً منه تدعيم دور الأقاليم فى الحركة الثقافية ضد الإقطاع الثقافى المسيطر فى القاهرة، بعث عبدالناصر عضو مجلس قيادة الثورة ورئيس تحرير جريدة «الجمهورية» -آنذاك- أنور السادات إلى المقهى، وقام بتدشين نادى الأدب بدمنهور، وقد كان من زوار مقهاه الدائمين أكبر رموز الفكر والأدب والفن مثل: «يحيى حقى ومحمود تيمور وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وزكى مبارك ومصطفى صادق الرافعى ومحمدحسن الشجاعى وزكريا الحجاوى وعبدالمعطى حجازى وصلاح عبدالصبور وعلى الراعى وأنور عبدالملك وعباس العقاد وعبدالقادر المازنى». كما زاره كل من: «أ.هدى شعراوى، وأ.محمودالبدوى، والرئيس السادات، وأ.يوسف السباعى، ود.لويس عوض، ود.محمد مندور»، وغيرهم الكثير. ومن ضمن ما كتب قصة قصيرة عن علاقته بالأديب الكبير توفيق الحكيم بعنوان: «أهل الكهف»، نشرت فى مجموعته القصصية الأشهر «مشوار طويل»، ومن المعروف لرواد المقهى إلى الآن أن توفيق الحكيم قد كتب أكثر من رواية فى ركن معروف من أركانه، مثل رواية «أهل الكهف» و«يوميات نائب فى الأرياف»، ولما ذاع صيته تعاقدت معه «إذاعة لندن» لتسجيل قصصه القصيرة، مقابل 5 جنيهات عن القصة الواحدة، وبالفعل كان وقت إذاعتها فى المساء تجلس الجموع الغفيرة فى المقهى تلتف حول المذياع لسماعها. وقد كان مفجراً لكثير من التظاهرات السياسية التى تخرج من المقهى، ومنها تظاهرة سنة 1948م، التى ضمت أدباء وساسة ورجال دين شيوخاً وقساوسة؛ إذ كانت تربطه صداقات عميقة مع رجال الأزهر والكنيسة. وقد توفى فى يوم مشهود غفل الناس عنه؛ لانشغالهم بتشييع فقيدهم الزعيم جمال عبدالناصر. إنه الذى قال عنه الأديب الكبير يحيى حقى: «ذلك المثقف أو الأديب الذى يفكر فى زيارة مدينة التاريخ القديم والتجار الشطار لكى يتعرف إلى صور الحياة وعادات الناس هناك لا بد من أن يجلس على رصيف مقهى المسيرى الذى يمثل ظاهرة مهمة عند أبناء المدينة المثقفين والأدباء والزجالين».
انتهت الرسالة وعليها أدعو المسئولين عن الثقافة بالبحيرة إلى تخصيص احتفالية عن عبدالمعطى المسيرى حتى تعرف الأجيال الجديدة عنه شيئاً.
"الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبدالمعطى المسيرى و«قهوته» عبدالمعطى المسيرى و«قهوته»



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon