توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رفح وبحث إسرائيل عن «نصر تليفزيوني» على الطريقة الأمريكية

  مصر اليوم -

رفح وبحث إسرائيل عن «نصر تليفزيوني» على الطريقة الأمريكية

بقلم - عمار علي حسن

على الطريقة الأمريكية.. تبحث إسرائيل عن أى «نصر تليفزيونى»، يريد نتنياهو أن ينقذ به رأسه، رغم أن الداخل الإسرائيلى نفسه يفضح هذه اللعبة، بعبارة دالة تقول: «حرب إسرائيل قد انتهت دون انتصار لنا أو انكسار لحماس، وما نراها الآن فى رفح هى حرب نتنياهو».

لا تنشغل أمريكا بمجازر تحدث للمدنيين، فقد سبق أن فعلتها فى العراق وأفغانستان، قبل أن تفر مهزومة، وعلى الدرب نفسه تمضى إسرائيل، لكنها لن تصل إلى الأهداف التى حددتها للحرب، ولن تقدر على البقاء فى قطاع غزة وجيشها ينزف ويطلب الخروج. نعم غزة المحاصرة من كل جهة، ضيقة المساحة، تختلف عن العراق وأفغانستان، لكن المقاومين الفلسطينيين يفهمون الإسرائيليين أكثر من فهم العراقيين للأمريكان مثلا، أما بأس المقاومة الفلسطينية فى القتال، فهو شديد شديد.

لن يفلح الجيش الإسرائيلى، المحطم معنويًا، فى تحقيق شىء مختلف فى رفح عما كان فى شمال غزة ووسطها، وسيجلب الدم الفلسطينى الغالى تعاطفا عالميا أشد مع قضية هذا الشعب العظيم، لتخسر إسرائيل حرب الرواية، كما تخسر الآن تباعا حرب الأرض، ومعادلة «عض الأصابع».

لقد تكرّرت كلمة «الهزيمة» مرارًا على ألسنة مسؤولين إسرائيليين، وشاركهم فى هذا مسؤولون غربيون. تلوك ألسنتهم حديثًا مستمرًا عن الانكسار المحتمل فى وقت تواصل فيه آلة القتل الإسرائيلية، بمساعدة غربية ظاهرة، حصد أرواح الفلسطينيين، وتدمير مدنهم وبلداتهم ومخيماتهم، ودفع أغلبهم، تحت سلطان التجويع والتعطيش ونقص الأدوية والعلاج، إلى حافة التهجير القسرى.

نعم، يوظّف المسؤولون الإسرائيليون «هاجس الهزيمة»؛ لتخويف شعبهم من هذه الخاتمة المفجعة لجيشهم، فلا يكون أمام الناس من سبيل إلا أن يصمتوا عن مواصلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحرب، بل يباركوها، حتى يضمن ألا يلحق به العقاب إن سكتت المدافع، مرة لخَسارة الحرب، وأخرى مؤجلة من قبلها لفساده، وخلافات سياسية داخلية طافية على السطح.

لكن هذا لا يخفى حقيقة وجود شعور لدى إسرائيليين بهزيمة فعلية، مع عدم قدرة جيشهم على تحقيق الأهداف حتى الآن. نعم، دمر هذا الجيش غزة، وقتل من أهلها وأصاب عشرات الآلاف، لكن هذا لا يعنى النصر فى نظر إسرائيليين سبق لهم أن رأوا جيشهم يدمر ويقتل ويصيب الفلسطينيين بغزة والضفة الغربية معًا على مدار عقود، دون أن يشبع.

إن النصر لدى الإسرائيليين لا يعنى فقط تحقيق الأهداف المباشرة للحرب، وأولها إعادة الأسرى دون لجوء إلى تفاوض، واستئصال حماس أو على الأقل تدمير قدراتها وإجبارها على الاستسلام، أو القبض على قادتها الكبار، إنما يمتد إلى الأبعد، وهو أن يعود جيشهم يفعل ما يقوله، ويحقق ما يضعه من أهداف، والأهم أن يظل قادرًا على الردع والتخويف، فيبقى مهابًا فى نفوس كل الجيوش التى تحيط بإسرائيل، وكل فصائل المقاومة فى فلسطين ولبنان وغيرهما.

يدرك نتنياهو هذا، لكنه يبدو حتى الآن عاجزًا عن بلوغ مثل هذا «النصر» الذى يسكن أذهان الإسرائيليين ومخيلاتهم، ومع هذا فهو غير قادر على إعلان هذا العجز، ولذا لا يجد أمامه من سبيل سوى رهن كل شىء بهجوم شنّه على رفح، زاعمًا أنها آخر معاقل حماس، أو أنها المكان الذى يختبئ فيه قادة المقاومة. ويقوم طوال الوقت بتسويق هذا التصور على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

تبدو رفح، وفق هذا التصور الإسرائيلى، هى الفاصلة أو المعركة الحاسمة، وتدرك المقاومة من طرفها هذا الأمر، وأن تحقيق شىء ما لصالح إسرائيل قد يرضى الإسرائيليين، ويجعلهم يغضون الطرف عن الخسائر الأخرى لجيشهم، ويتغافلون، ولو نفسيًا، عن التفكير فى عجزه عن تحقيق الأهداف التى حددها للحرب منذ البداية.

إن اجتياح رفح قد يزيد من الضغوط على إسرائيل، عسكريًا من الجبهتين اللبنانية واليمنية، أو سياسيًا من دول عربية وإسلامية، وأخرى فى إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وجميعها ترفض استمرار العدوان، وترفض بشكل أشد إخراج الغزيين قسرًا من أرضهم، أو قتل المزيد منهم، لاسيما مع تكدس رفح بالنازحين.

مزيد من الشهداء والجرحى والبيوت المهدمة لن يحقق لإسرائيل شيئا مختلفا عما اقترفته على مدار سبعة شهور، لكنه سيعطى حركة الأحرار التى تتعاطف مع الفلسطينيين عبر العالم قوة دفع جديدة فى رفض العدوان، وستجعل مسار محاكمة نتنياهو وتحالفه المتطرف يمضى قدما، وفى كل الأحوال تزيد خسارة إسرائيل فى معركة الصورة، فضلا عن العجز فى تحقيق نصر عسكرى على الأرض.

لكن هذه القيود، على أهميتها، ربما لا تشكل الوزن الكافى لغلّ يد نتنياهو، الذى يبدو مستعدًا لحرق كل شىء فى سبيل بقائه رئيسًا لوزراء إسرائيل، أو تأجيل عقابه، خاصة أنه قد نجح فى إقناع قطاع كبير من الإسرائيليين بأنّ معركة رفح نقطة تحول فاصلة ليس فى مسار الحرب نحو نصر أو هزيمة، إنما فى تاريخ إسرائيل برمّته، التى ترى نفسها تخوض فى غزة حرب وجود. على أبواب رفح تجدد سؤال النصر والهزيمة، حيث قالت إسرائيل إن توقف المعركة دون اجتياح رفح يعنى هزيمتها، هكذا جاء حتى على لسان نتنياهو نفسه رغم ما ألحقه بغزة من دمار وقتل. وتدرك المقاومة أن الثبات فى رفح، وتكبيد جيش إسرائيل المزيد من الخسائر، وإفهامه أن بقاءه فى غزة مكلف جدا، يعنى ترتيب أوراق المستقبل دون استبعاد المقاومين أبدا، وهذا بالنسبة لهم هو نصر، فى وجه من أراد استئصالهم، وراح يرتب الأوضاع فى غزة بعد الحرب على أساس أن المقاومة ليست موجودة فى الإدارة والحكم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رفح وبحث إسرائيل عن «نصر تليفزيوني» على الطريقة الأمريكية رفح وبحث إسرائيل عن «نصر تليفزيوني» على الطريقة الأمريكية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon