توقيت القاهرة المحلي 09:08:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خدعوك فقالوا: المعارضة عاجزة وغير نافعة

  مصر اليوم -

خدعوك فقالوا المعارضة عاجزة وغير نافعة

بقلم - عمار علي حسن

تعد السياسة فى جوهرها هى ما يتم حصاده من مكاسب مادية جراء الخطاب السائد الذى يعد بتحسين أحوال الناس، باعتبارهم أصحاب المال والشرعية والسيادة، وفى ركابهم ورحابهم تأتى «المصلحة العامة». وقد يكتفى بعض الساسة أحيانا بالخطاب، أو يعجزون عن تحقيق كل ما يرد فيه من وعود تحملها مقترحات وبرامج وسياسات عامة وخطط واستراتيجيات، ومع هذا يظلون قادرين على تسييس أمور الناس بالحد الأدنى من الموجودات المادية، وبحد واسع من الكلام المشبع بالمجازات والخيالات، وربما الأوهام أحيانا.

وقد تكون مثل هذه السلطات شريرة مخادعة، لا يشغلها إلا البقاء فى كراسى الحكم بأى ثمن، وتدرك أهمية الدعاية فى تحقيقها هذا الهدف. وقد تكون معتقدة فى أن الإبقاء على الأمل فى نفوس الناس باق، حتى لو كان خادعا، وحتى لو كانت المكاسب المادية ضئيلة أو معدومة، أفضل من ذيوع اليأس والقنوط فى نفوس المحكومين.

على الجانب الآخر، وبالنسبة للمعارضين، فإنهم يستريحون أحيانا لمسألة الإيمان بانتصار العدل والحق والخير، والتى تبدو نوعا من المجاز السياسى، سلك بعض الناس دربه منذ أول الخليقة، وتمسكوا به، وعضوا عليه بالنواجذ حتى لو كانوا قلة مستضعفة، ووجدوا من يروق لهم مثل هذا الخطاب طالما هناك من يناضل من أجل تحسين شروط الحياة.

من هنا فإن مثل هذا النوع من المجازات يختلف باختلاف وضع وركائز قوة كل طرف، كما يختلف وفق السياق الذى يعمل فيه الجميع. فمجاز المعارضة فى العالم الثالث يشكل جزءا من تصوراتها وأطروحاتها ومقترحاتها، غير القابلة للتطبيق، لأن الإمكانات والإدارة والمخصصات المادية ليست فى يدها، بينما على العكس من ذلك تماما تكون السلطة أو الحكومة التى تمسك الميزانية بيدها اليمنى والقدرة على التشريع واستعمال البيروقراطية والأمن بيدها اليسرى.

وهنا يثار التساؤل: كيف يتساوى مجاز سياسى قابل للتحقيق مع آخر يحلق فى الفراغ، مع تجريد من يقوم به من أى مقومات للتطبيق، على رأسها امتلاك المشروعية القانونية، فى ظل انعدام الأمل أو ضعفه فى إمكانية تبادل السلطة؟.

فحتى يكون بوسعنا المضاهاة السوية والعادلة بين موقفى الطرفين يجب أولا أن تنطلق من أن هناك ما يسمى «حقيقة موضوعية» و«حقيقة ذاتية»، وأن نقر بما يقع بينهما من صدام أحيانا. وهذه مسألة لا يدركها جزء كبير من عموم الناس فى دول العالم الثالث، ممن يرون أن الحكومة نافعة لأنها تقدم لها بعض الخدمات حتى لو كانت شحيحة، أما المعارضة فهى تكتفى بالكلام، ولا تملك غيره. فمثل هؤلاء لا يدركون جيدا أن المعارضة لا تضع يدها على ميزانية الدولة، وليس بيدها سن القوانين، ولا تملك «الاحتكار المشروع  للعنف» حتى تفرض الأمن الاجتماعى، ولا تجد التصورات والمقترحات البديلة التى تفكر فيها وتضعها فى طريقها إلى التنفيذ، وقد تتراجع قدرتها على هذا، وعلى تجهيز رجال الدولة القادرين إلى الإدارة والحكم، فى ظل تيقنها من أن طريقها إلى السلطة مسدود.

ويستجيب هؤلاء فى كثير من الأحيان لخطاب السلطة المجازى حول «عجز المعارضة»، صامين آذانهم عن الإنصات إلى صوت الحقيقة، وهنا يقول جوستاف لوبون:

«الجماهير لم تكن فى حياتها ظمأى للحقيقة. وأمام الحقائق التى تزعجها فإنها تحول أنظارها باتجاه آخر، وتفضل تأليه الخطأ، إذا ما جذبها الخطأ، فمن يعرف إيهامها يصبح سيدا عليها، ومن يحاول قشع الأوهام عن أعينها يصبح ضحية لها».

فى ظل هذا لا يشغل الناس أنفسهم بمعرفة أن بوسع من بيده السلطة والقرار أن يفعل أكثر مما يقدمه، وأن ما هم فيه من بؤس ليس سببه ما تسوقه السلطة من اتهامات لمعارضيها بأنهم «يعطلون المسيرة»، وهو التعبير المجازى الأكثر تداولا على ألسنة أهل الحكم فى بلادنا، إنما لأن الحكومة لا تعمل بالكفاءة اللازمة والمطلوبة، أو أنها لا تبذل الجهد الكافى فى محاربة الفساد كى تصل إلى الناس حقوقهم المشروعة فى المال العام.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خدعوك فقالوا المعارضة عاجزة وغير نافعة خدعوك فقالوا المعارضة عاجزة وغير نافعة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon