توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ورشة عمل عن تطوير تعليمنا نحو «الإبداع»

  مصر اليوم -

ورشة عمل عن تطوير تعليمنا نحو «الإبداع»

بقلم - عمار علي حسن

شغلنى التعليم، ولايزال، لأنى من المؤمنين بأنه الركيزة الأساسية لتحقيق التقدم فى أى مجتمع، وله الدور الحيوى والضرورى لبلوغه آماله التى يرجوها، وسيره فى طريق التطور الذى ينشده، وبذا فإن ما يذهب إلى التعليم من مال، لا يذهب سدى، ولا يروح بلا جدوى. ومع هذا فقد رأينا من يتصورون، من أهل القرار، أن التعليم يمكن أن ينتظر، وأن تحديثه وتطويره لن يصلح الحال ويغير المآل.

كان التعليم من القضايا التى انشغلت بها مبكرا، وقد عملت على تنظيم حلقة نقاشية عام 2006 تحت عنوان «التعليم التكاملى المستمر.. التجربة اليابانية وسبل الاستفادة منها»، شارك فيها لفيف من خبراء التعليم والتربويين المصريين والعرب وممثلى المنظمات الدولية والعربية المعنية بالتعليم بالقاهرة وأكاديميين ومختصين وخبراء وأساتذة جامعات فى مجالات التربية والتعليم، بالإضافة إلى ممثل مركز نومورا اليابانى فى العالم العربى. وقتها قلت فى افتتاح هذه الورشة:

«آن الأوان لنستفيد من تجارب أخرى غير غربية، وما سارت فيه اليابان فى مجال التعليم ربما يكون أكثر اتساقا وتماشيا مع الإطار القيمى والدينى والتقاليد العربية. لقد تزامنت التجربة اليابانية والمصرية فى العصر الحديث فى المجالات كافة، خاصة التعليم، لكن ها نحن نرى نتائج متفاوتة حاليا بمستوى كبير بين الاثنين على خريطة التقارير الدولية للتنمية البشرية الدولية، ومن المؤكد أن استمرار اليابان فى تطوير تجربتها التعليمية، وتعثر التجربة المصرية، هو الذى صنع هذا التفاوت بعد عقود من الزمن».

وقد توالت آراء المتناقشين هؤلاء حول تجربتنا التعليمية، وانتهت إلى عدة خلاصات يمكن ذكرها على النحو التالى:

1 ـ التعليم فى مصر ليس فى أحسن حالاته، ودون المستوى المأمول منه، وافتقد، لسنوات طويلة، وجود استراتيجية جديدة، تتضمن دراسات وبرامج متطورة، تراعى ما وصل إليه العالم المتقدم فى مجال التعليم، وتقوم فى إجراءاتها على ثلاثة محاور هى: تدعيم المبانى المدرسية وتجهيزها بأحدث الوسائل التعليمية والتكنولوجية والمعملية، وتدريب المعلمين عماد العملية التعليمية.

وتطوير المناهج بشكل عصرى بحيث يكون غير مرتبط بشخصية المسؤول الموجود على رأس الوزارة، وبالسياسة التى يتبعها، لكن تقوم على أسس علمية دائمة تحقق طموحات مصر فى التقدم والرقى وبناء أجيال للمستقبل. أما فى مضمونها فيجب أن تنبنى على عدة عناصر: القدرة على اتخاذ القرار الرشيد، وإجراء توازن بين العقل والعاطفة، وبين الدين والعلم، والتحكم فى الذات ونفع الآخرين.

2 ـ لا يتطلب تطوير التعليم المضى فى الدراسة والبحث واستخراج النتائج فحسب، بل إقناع المسؤولين والعاملين فى قطاع التعليم بأهمية التطوير وضرورته وإشراك وسائل الإعلام فى توعية المواطنين بأهداف وأهمية هذا.

3 ـ لا يجب الاقتصاد فى مسألة الاستفادة من تجارب الأمم الأخرى على الغرب الأوروبى، إنما من الضرورى النظر إلى تجارب أخرى مهمة لدول آسيوية، ومنها اليابان وماليزيا وسنغافورة، التى صنعت نتائج لافتة، لاسيما التجربة اليابانية التى لفتت نظر القائمين على شؤون التعليم فى الولايات المتحدة الأمريكية فجعلتهم يراجعون برامجهم التعليمية، ويفكرون فيما يمكن الأخذ به من هذه التجربة.

4 ـ لا تعنى الاستفادة من تجربة تعليمية ما أن نقوم باقتباسها كاملة نظرا لاختلاف الظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية بين الدول، وعلينا، كمصريين، ألا نهمل تماما أى جوانب إيجابية، حتى لو كانت بسيطة، فى تجربتنا التعليمية، التى يجب أن تكون القالب الأساسى لأى تطوير، يضاف إليها المزايا الموجودة من التجارب الخارجية، الأمر الذى يقتضى الاستفادة من الخبرات المتراكمة فى مجال التعليم فى مصر، والتى تتعرض للإهمال الشديد، ولا يستفاد منها على أفضل وجه ممكن.

5 ـ لا يعنى التعليم التكاملى المستمر إلغاء التعليم الرسمى، إنما هو مكمل له، وهو ما تؤكده نظرية «نومورا» التى هى «مكمل» للنظام التعليمى اليابانى، أسهم فى حل العديد من المشاكل الاجتماعية التى صنعها التعليم التقليدى، وهى نظرية تنطلق من ضرورة التكامل العملى بين الأسرة والمدرسة والمجتمع لبناء شخصية سوية للفرد فى المجتمع، واستعادة دوره المفقود المتمثل فى تطوير الإنسان صاحب المعرفة والأفعال القيمة المترابطة، وتحقيق استقلاله الذاتى فى مجتمع المعلومات، الذى لا يجب أن يقف عند حد إيجاد التجانس فى عالم اليوم الذى أصبح قرية واحدة، بل يذهب إلى تحقيق التكامل والاعتماد المتبادل.

6 ـ يجب ألا يكون التعليم نفعيا بل ينهض بتقديم خدمات للمجتمع، دون إفقاد المتعلم شخصيته. فالتعليم فى المجتمعات القديمة قام على أساس خدمة الأشخاص الذين يتعلمون، فى حين تطور مفهوم التعليم حاليا فأصبح أكثر اتساعا، وصار المتعلم يتمكن من تحقيق مزايا لنفسه ونفع المجتمع الذى يعيش فى جنباته. فالتعليم يجب أن يكون للجميع، وعليه أن ينتج مواطنين صالحين فاعلين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

7 ـ من الضرورى الاستمرار بقوة فى خلق جيل من الباحثين المختصين بقضايا التعليم وتطويره، يتسمون بالاستنارة، ويمتلكون القدرة على الإبداع، حتى يمكن أن يخرج من بينهم شخص مثل السيدة نومورا التى ابتكرت نظرية فى التعليم، بعد خبرة امتدت أربعين سنة، فى العمل فى مجال التعليم باليابان، وتجوالها حول العالم للاطلاع على النماذج والتجارب التعليمية المتميزة فى دول عديدة، ولقاءاتها وحواراتها العميقة مع خبراء التربية فى مدارس عديدة.

8 ـ لا يجب أن يتوقف دور المعلم عند التلقين والحفظ، إنما يجب أن يمتد إلى التوجيه والتوعية، ما يعنى ضرورة تأهيله للقيام بهذا، وترك مساحة حرة له يتحرك فيها، بحيث لا يتحول إلى مجرد ببغاء يردد ما هو موجود فى الكتب المدرسية.

9 ـ على الحكومات أن ترشد الموارد الخاصة بالتعليم، وتسارع فى وضع حلول للمشكلات التى تعترض تنفيذ برامج متطورة له، وأن تنأى بالتعليم عن أن يكون طرفا فى المنافسة على السلطة، أو الصراع السياسى، أو أن يتأثر بمشكلات أخرى تؤدى إلى عدم قيامه بالدور المرجو منه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ورشة عمل عن تطوير تعليمنا نحو «الإبداع» ورشة عمل عن تطوير تعليمنا نحو «الإبداع»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon