توقيت القاهرة المحلي 10:04:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البطولة والشجاعة الخلاقة.. المعنى وكيفية التحلي بهما (3ـ 3)

  مصر اليوم -

البطولة والشجاعة الخلاقة المعنى وكيفية التحلي بهما 3ـ 3

بقلم - عمار علي حسن

فى المعاجم الأجنبية تُشتق كلمة الشجاعة Courage من الكلمة الفرنسية Coeur، ومعناها القلب، فكما يضخ القلب الدماء فى أجسادنا، فيُمكننا من استعمال كل أجزائها لتؤدى وظائفها، فإن الشجاعة تضخ فى أوصالنا كل ما يجعل الفضائل النفسية الأخرى ممكنة، وبدونها تتحلل الفضائل جميعًا، والشجاعة ضرورية لتجعل الوجود والصيرورة شيئًا ممكنًا. ويُعرف القائد الإغريقى نيكياس الشجاعة بأنها «العلم بما ينبغى أن يخشاه الإنسان وما يستطيع أن يتجاسر على الإقدام عليه، سواء فى الحرب أو فى غيرها من الأحوال».

واعتبر أفلاطون أن الشجاعة هى الجهد الذى يقع بين العقل والحس، ويجعل المرء يسعى سعيًا غير إرادى إلى كل ما هو عظيم ونبيل. وهى بذلك تحتل موقعًا وسطًا ومركزيًّا من النفس، ولا يحوزها إلا الحراس أو الأرستقراطية. ووافقه أرسطو فى حصر الشجاعة فى طبقة المقاتلين، ليكون الشجاع فى نظره هو مَن يُقدم على الفعل من أجل ما هو نبيل، وما يستحق الثناء، وما يبتعد عن الاحتقار، وهى تفرض التضحية بكثير من العناصر التى تتعلق بوجود الإنسان، وهى التى تثبت جوهر الإنسان وهدفه الباطن، وتحقق فى الفعل كماله وقدراته، رغم المصاعب والمتاعب والأهوال.

ويُعرف الأديب الأمريكى الكبير أرنست هيمنجواى الشجاعة بأنها الصبر الجميل على الشدائد، والعنصر الجسور الملهم من عناصر الروح، التى تُمكنها من الانتصار على أعتى الأخطار. ويتفق الفلاسفة الأوروبيون نيتشة وسارتر وكامو وكيركجور على أن الشجاعة لا تعنى غياب اليأس، وإنما القدرة على التقدم فى الحياة رغم اليأس.

وفى سياق فلسفة القوة التى يؤمن بها، والتى تقول للإنسان فى صراحة جلية: «عِشْ فى خطر»، يرى نيتشة أن الخير يكمن فى الشجاعة، إذ يقول فى كتابه الشهير «هكذا تحدث زرادشت»: «تسألون: ما الخير؟. الخير هو أن تكون شجاعًا... والخير ألّا تهتم بالحياة الطويلة، ولا بالنجاة من الأخطار، وألّا تحب الحياة حبًّا يجعلك تتعلق بها مهما نفدت إرادة القوة والحياة فيك».

ويوزع المفكر وعالِم النفس الأمريكى روللو ماى الشجاعة على أربعة أصناف:

الأول يتضمن الشجاعة البدنية، التى هى أبسط أنواعها وأوضحها. ودار هذا النوع طيلة التاريخ الإنسانى حول العضلات المفتولة وخفة اليد ومهارة الاشتباك فى المعارك والقدرة على ممارسة العنف المادى ضد الآخرين، لكن ظهرت فى الآونة الأخيرة اتجاهات ترمى إلى تحويل الطاقة الجسدية للشجاعة من العنف إلى اكتساب حساسية التفكير بالجسد، واستخدامه فى التعاطف مع الآخرين، والتعبير عن الذات بوصفها شيئًا جميلًا، ومصدرًا ثريًّا من مصادر المتعة الحياتية. وهنا يصير الجسد ليس موضعًا للإدانة، بل مصدرًا للكبرياء.

والصنف الثانى هو الشجاعة الأدبية، التى تعنى القدرة على اجتياز الصعاب ومواجهة المتاعب بالاعتماد على قوة الإرادة والتمسك الصارم بالمبادئ والتحلى بالصبر والإيمان بانتصار الحق فى النهاية. ويشترط هذا النوع من الشجاعة الإحساس بالناس وإدراك معاناتهم، والالتزام بالدفاع عنهم، وتبنى قضاياهم. ويحفل التاريخ الإنسانى برجال تحلوا بشجاعة أدبية كبيرة، مثل تلك التى امتلكها صحابة الرسول، صلى الله عليه وسلم، فى تحملهم أشد ألوان التعذيب، دون أن يفرطوا فى عقيدتهم، وتلك التى تملكت أحمد بن حنبل، فأعانته على تحمل التعذيب على أيدى رجال الخليفة المأمون كى يقبل فكرة «خلق القرآن»، وكذلك تحمل حبيب بن زيد الأنصارى تقطيع جسمه إربًا إربًا صامدًا، حتى آخر قطرة فى دمه، على أيدى مدعى النبوة مسليمة الكذاب. ووقف خبيب بن عدى على المشنقة وهو ينشد:

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البطولة والشجاعة الخلاقة المعنى وكيفية التحلي بهما 3ـ 3 البطولة والشجاعة الخلاقة المعنى وكيفية التحلي بهما 3ـ 3



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon