توقيت القاهرة المحلي 04:42:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حادث «محطة مصر» وكلب «مدينتي» وبيان الأزهر ضد «الإخوان»

  مصر اليوم -

حادث «محطة مصر» وكلب «مدينتي» وبيان الأزهر ضد «الإخوان»

بقلم - عمار علي حسن

( 1 )

لم تحترق محطة مصر منذ إنشائها، لكن النار شبت فيها أمس الأول. كان مشهدا مروعا، بشر يتفحمون، وجدران تتآكل، وتاريخ يتداعى. شىء محزن مؤسف قاهر حقا أن نرى معالم مصر التى تركها لنا الأوائل بهية رضية تهان على هذا النحو، وأن يبقى أهلها أرخص من فيها، فهم ضحايا للفساد الذى لا يريد أن يرحل، ولجداول الأولويات المعكوسة، ولكيد الإرهابيين ومحتكرى القرار فى كل مكان، والذين لابد أن يحاسبوا.

لقد وجدت البعض يرفع كفيه إلى السماء قائلا: اللهم حاسب الجناة، ولا تترك منهم أحدا. وأقول لهؤلاء: نعم الله سبحانه وتعالى يسمع ويرى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، لكن قبل الحساب فى الآخرة هناك حساب فى الدنيا، مؤسسة رقابية اسمها مجلس النواب، والنيابة العامة، والهيئات الرقابية كلها: الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات، إلى جانب الرقابة المعنوية التى يمثلها ضمير الكُتَّاب والصحفيين وعلماء الدين، وقبل كل هذا رقابة الناس أنفسهم.

(2)

فى الشدائد يظهر المعدن النفيس للمصريين، فوسط محنة «محطة مصر» تولد منحة صنعتها الطوابير الطويلة للراغبين فى التبرع بدمائهم، ومسارعة بعض الشباب لإطفاء الحرقى والحريق على قدر استطاعتهم. مصر لن تُضام، فالله يرعاها ويحميها بأيدى أهلها الكرام، أصحاب المال والشرعية والحق والتاريخ والمستقبل.

(3)

بمناسبة كلب مدينتى الذى نهش طفلا، يلاحظ أن حوادث كلاب الحراسة غالية الثمن أكثر من مثيلتها عند كلاب الشوارع السائبة الرخيصة. وقد يكون هذا راجعا إلى استهتار أصحاب الأولى، بينما الثانية متروكة لطبيعتها الأليفة، وقد يكون شيئا يتماشى مع حال مصر، فأكثر أغنيائها ينهشون أهلها بلا رحمة.

(4)

هناك محام مصرى شاب يظهر على قناة «الجزيرة» مدافعا عن السلطة فى مصر، أراه يعظم مكاسبه ويضر كثيرا موكله. إنه يسىء إلى من وما يدافع عنه. هناك موالون أعمق فهما وعلما وتمرسا وقدرة على الإقناع وقبولا للمشاهد. ألم نقل من قبل تخيروا لنظمكم فإن العرق دساس، لكن الجزيرة تختار هذا المحامى بوعى لأن إطلالته تخدم هدفها بامتياز، وتلك لعبة إعلامية تجيدها تماما.

(5)

ليست هذه هى المرة الأولى التى يصدر فيها الأزهر الشريف بيانا يدين فيه أفكار وتصرفات «الإخوان»، إذ سبق أن فعلها حين اصطدمت الجماعة بعبد الناصر فى 1954 و1965 وحين انقلبت على السادات بعد تحالفها معه، لكن البيان الأخير هو الأقوى والأكثر إيلاما لقادة الجماعة وأتباعها، لأنه ساوى بينها وبين تنظيم إرهابى مجرم هو داعش، لاسيما بعد البيان الأخير الذى أصدره الإخوان يتحدث عن القصاص، وبعد أن أنشأوا تنظيم «حسم» الذى يقوم بعمليات إرهابية.

إن الإرهاب جريمة سياسية مكتملة الأركان، وحكمة التاريخ وقواعد القانون تقول بوضوح: الجريمة لا تفيد، فكل الذين مارسوا العنف المسلح وسيلة للوصول إلى الحكم، أو انتقاما وثأرا، أو استعراضا للقوة، انتهت بهم الحال إلى هزائم تكررت كتوالى الأيام، ومع هذا لا يزال هناك من لا يريدون تعلم الدرس.

(6)

حين تتحدث الحكومة عن الفساد، فإن حديثها ينصرف كله إلى «الفساد المالى» وهو إن كان جريمة لا يجب السكوت عليها فإن «الفساد الإدارى» و«الفساد السياسى» أخطر وأكثر فداحة. فبعض المال العام المسروق يمكن أحيانا تدويره فى الاقتصاد، لكن وضع غير الأكفاء فى الإدارة يعوق البلاد، أما الاستبداد فهو السرطان السياسى الكامل.

( 7 )

ترتكب الكثير من الحكومات العربية كل ما يغضب الشعوب ويستفزها، فإن احتجت قال أهل الحكم إن جهات خارجية تحرك الناس لهدم الدولة. إن تجربة الجزائر الحالية تؤكد هذه المسألة بوضوح. الغباء يتكرر، ومثل هذه المزاعم لم تعد تنطلى على أحد، فى النهاية لا يلام شعب إنما تلام سلطة بيدها القرار.

(8)

فوق أطلال هذا الحلم التى أنت مجذوب إليه تمضى متوكئا إلى نهايتك. لا يوجد شىء أصدق فى هذه الحياة من الموت. حقيقة لا مراء فيها. ليس بوسع أحد منا أن يعود بعد أن مددوه فى كفنه. ذاهب أنا إلى حيث التقاء الصخر بالماء، هناك المكان المعجزة، فلا النهر يصعد إلى الجبل، ولا الجبل يجور على النهر، بل يمده بزاد جديد حين يهطل المطر فوق الربا، ويسيل إلى المجرى العريض. وهناك أيضا بئر غير معطلة تنزف ريقها ليغرق فيه ظمأى. هناك حيث لا شاطئ، ولا حافة، ولا سقف. لا أرض ولا سماء، لا أحد يسأل عن الساعة، وعن البقعة التى يكون بوسعه أن يملأ بها قدميه. هناك يطير الناس محلقين فى البعيد القريب، وتصير أجنة الطيور باتساع المجرة. من يصل سيجدنى واقفا مشدوها، أنظر هازئا إلى أدنى الأرض، رافعا كفى إلى حيث من تجاوز الأزمنة والأمكنة لأطلب الرحمة والفضل. معلق فى مشجب الريح كى تأتى فتمنع سقوطى. عبث كل شىء إلا وجه الذى خلق. أدور فى فراغ لا ينتهى إلا هناك حيث هو، ينظر إلى مبتسما. أيها الإله الرحيم خذنى إليك ليذهب عنى هذا التأرجح بين الغياب والحضور، واجعل خلفى التراب مخضرا، فأراه هكذا وأنا أبتعد عنه لأقترب منك، ويموت الأفق تحت إبطى، وتغور الشوارع كأنها لم تكن فى يوم الأيام موطنى.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حادث «محطة مصر» وكلب «مدينتي» وبيان الأزهر ضد «الإخوان» حادث «محطة مصر» وكلب «مدينتي» وبيان الأزهر ضد «الإخوان»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon