توقيت القاهرة المحلي 12:25:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإنتاج والإنتاج ثم الإنتاج

  مصر اليوم -

الإنتاج والإنتاج ثم الإنتاج

بقلم:عمار علي حسن

نعيش اليوم بؤس إهمال الإنتاج، أو حتى الالتفات إليه ثم إسناد إدارته إلى من ليس أهلاً لذلك. ولو كان هذا المسار قد لقى انشغالاً واهتماماً به أولاً، وقبل أي شىء، لما دخل اقتصادنا هذا النفق الطويل، وبتنا في حاجة إلى بيع أصول الدولة لتسديد أقساط الديون، أو الطاعة شبه التامة لشروط صندوق النقد والبنك الدوليين وإملاءاتهما.

كان من الضرورى أن نمضى على التوازي في المشروعات الإنتاجية، وتلك التي تقيم البنية الأساسية، أو نؤجل جانباً من الثانية إلى أن تنطلق الأولى قوية عفية، ومن وفورتها تُبنى المدن، وتُشق الطرق وتُعبّد، ويُسد الدين المتراكم، ويتوقف الاقتراض نهائياً. أو ننشغل من هذه البنية بما له علاقة مباشرة بالإنتاج، يخدمه في كل وقت، ويفتح أمامه الأفق، أو يضمن له قوة انطلاقه في كل حين.

لا يمكن الاحتجاج بتلك العبارات السهلة التي تجرى على ألسنة المبررين أو المستسلمين، من قبيل أن المصريين قد تعلموا الكسل، أو أنهم ينزعون إلى الاستهلاك دون رويّة، أو أنهم يريدون الكسب دون جهد، والحصاد دون زرع. ففي واقعنا آلاف من الحالات وقصص النجاح البارزة، التي تؤكد أن شعبنا يريد أن يعرق ويفلح وينجح، وآلاف غيرها تقول إن المصرى إن وجد بيئة عمل ملائمة فعل المستحيل، حتى بأقل القليل.

لا يعني هذا بالطبع أن مجتمعنا يخلو من الكسالى، والاتكاليين، والساعين إلى خطف المال بأي طريقة، لكن هؤلاء موجودون في كل المجتمعات، بما فيها هذه التي وصلت في الإنتاج والتصدير إلى مستوى متقدم جداً. كما أن جانباً لا يُستهان به من أسباب وجود هؤلاء لدينا هى الظروف الصعبة، والسياسات التي سقطت من علٍ، فغيرت الكثير من قيم العمل وعلاقاته، وأنماط الاستهلاك، وفي هذا تُلام سلطات متعاقبة، ولا يُلام شعب وجد نفسه موضع تجريب سياسات اقتصادية، لم تُدرس على نحو علمي دقيق.

لكن عدد من تبقوا مخلصين للعمل الحقيقى المنتج، يكفي تماماً. ولو وجد هؤلاء بيئة مناسبة وخطة مدروسة، لدفع عجلة الإنتاج، حسب المجاز المتداول في الأدبيات الاقتصادية، لحققوا انتعاشاً اقتصادياً في زمن قياسي، أو على الأقل أوقفوا التدهور، وفق ما هو متعارف عليه في التاريخ الاقتصادي المصري، أو استعراض النماذج الناجحة، التي حافظت على نفسها سنين طويلة، رغم الظروف الصعبة المعاندة، حيث وجدنا مدناً أو قرى أو مناطق متميزة بإنتاج سلعة معينة، وبلغت حداً في الإتقان إلى درجة أن هناك من يطلبها في الخارج على الدوام.

مع هذا يتم إغفال هذا التاريخ، وهذه النماذج، لنجد الإنتاج في مصر قد بات متوعكاً، لأسباب كثيرة، بعضها متوارث وبعضها مستجد، مثل: الإفراط في الإنفاق على البنية التحتية عبر الاستدانة، وغياب الخطة، وسوء الإدارة، ونقص مستلزمات التشغيل في ظل أزمة توفير الدولار، علاوة على المشكلات الخاصة بالضرائب، والتحجر البيروقراطي، ومنظومة التشريعات والقوانين.

وأدى ضعف إنتاجنا إلى طمع الآخرين في مصر كسوق استهلاكية ضخمة، فرغم تدنى دخول أغلبية السكان قياساً إلى ما هو مطلوب لتحقيق الاكتفاء من الاحتياجات الضرورية، فإن القوة البشرية لمصر، ومهما كان حجم الإنفاق، تجعلها سوقاً رائجة، لمنتجى الغذاء والدواء والكساء والأدوات والأجهزة المنزلية.

إننا في حاجة إلى تشجيع الإنتاج، حتى على المستوى الأدنى، فملايين السواعد التي تمتد لتبنى، بوسعها أن تعوض إخفاق مشروعات كبرى أنفقت عليها مئات المليارات، ولم تجدِ نفعاً. وبوسع الدولة أن تضع الخطة، أو الخطوط العريضة، ثم تترك الحافز الفردى يؤدى دوره الطبيعى في الحياة الاقتصادية. فكل شخص سيقاتل في سبيل إنجاح مشروعه، وجمع هذه المعارك الإيجابية الصغيرة، ستشكل رافعة لمعركة اقتصادية كبرى، يجب أن نخوضها الآن، بلا تردد.

لتبحث مصر الرسمية، عن شىء نتمتع فيه بـ«ميزة نسبية»، وتكرس له التفكير والجهد والمال والتشجيع، فتنتج سلعة يطلبها العالم منا، وهى مهما كانت صغيرة أو بسيطة، فإن انفرادنا أو تميزنا فيها، سيفتح الباب لبلادنا لتصدر، وتسهم في حركة الاقتصاد العالمى كله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنتاج والإنتاج ثم الإنتاج الإنتاج والإنتاج ثم الإنتاج



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon