توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتخابات نقابة الصحفيين.. موقفى الصريح

  مصر اليوم -

انتخابات نقابة الصحفيين موقفى الصريح

بقلم : عمار علي حسن

سألنى زميلى الذى يحاورنى: لمن صوتك على مقعد نقيب الصحفيين؟، وقبل أن أفتح فمى وجدته يجيب نيابة عنى: هو طبعا للأستاذ يحيى قلاش، لأنك محسوب على تيار الاستقلال النقابى وهو مرشحه، وأنت تميل إلى اليسار السياسى مثله، وقطعا لما بينك وبينه من صلة إنسانية طيبة يقترب عمرها من ربع قرن. هززت رأسى وقلت له: ليس لما ذكرته فحسب، لكن هناك قيمتين تحكماننى فى هذا الاختيار إلى جانب الوعى والخبرة التى حصلتها من كل الانتخابات التى شاركت فيها، وأرجو ألا تحكم على موقفى إلا بعد الاستماع إلى كل ما أقول.

القيمة الأولى، يا زميلى، هى الوفاء والمروءة، إذ أعتقد أننى إن لم أصوت له فكأننى أسلمه إلى السجَّان، وعيب فى حقنا كصحفيين أن نتواطأ على نقيبنا، أو نغمض العين عما يجرى له، وهو غير مسبوق فى تاريخ العلاقة بين السلطة والنقابة، وحتى لو اختلف بعضنا معه فى تفاصيل عابرة، فكلنا ندرك جيدا كيف صُنعت قضيته، وما هى خلفياتها الحقيقية، وليست تلك الاتهامات التى سيقت إليه. ونعلم كيف يتم تدبير كل شىء من خلف الستار. وأعجب هنا من منطق أولئك الذين يقولون لزملائنا «لا تنتخبوه لأنه سيُسجن»، وهو أمر غير أخلاقى تماما، ومن العار أن يردده أنصار الفريق الآخر على هذا النحو الظاهر والسافر، وهو على كل حال يعيد إلى الأذهان كل من ذكرهم تاريخ السياسة والصحافة من الذين برروا التخلى عن واجبهم بحجج واهية، فأصبحوا على ما فعلوا نادمين، أو أولئك الذين يدفنون رؤوسهم فى الرمال كالنعام ظنا منهم أن هذا سيحميهم، أو الذين خروا راكعين للعاصفة حتى تتفاداهم فجرفتهم إلى أسفل سافلين. وأترحم هنا على أيام كان أى زميل من سجناء الرأى يرشح نفسه لمجلس النقابة، فيتضامن الصحفيون معه فى محنته، ويصوتون له بغزارة، ويحصل على أعلى الأصوات، ويصبح من الناجحين.

أما القيمة الثانية، يا زميلى العزيز، فهى الإنجاز، فأنا فوجئت بما حواه برنامج يحيى قلاش الذى عنونه بـ «بدأنا وهنكمل» من أشياء جيدة حققها، ولم يحسن التسويق والترويج لها من قبل، وعلى رأسها إصلاح الخلل فى ميزانية النقابة بتدبير 62 مليون جنيه من عدة مصادر فى مقدمتها «دعم غير مسبوق للدولة» حسب ما قاله البرنامج نصا. وترتب على هذا زيادة القروض الميسرة للأعضاء، ورفع حد الاستفادة للمشتركين بمشروع العلاج، وزيادة قيمة المعاشات، إلى جانب اعتماد عقد العمل الموحد وتفعيله، بحيث أصبحت النقابة طرفا ثالثا فيه، والاتفاق مع وزارة التضامن الاجتماعى على عدم فصل أى صحفى من أعضاء النقابة إلا بعد اعتماد النقابة هذا الإجراء، وسداد جزء كبير من قيمة قطعة الأرض الوحيدة المخصصة للنقابة بمدينة 6 أكتوبر، بغرض الإسكان، بعد أن أخفقت النقابة فيما قبل فى السداد فقامت الحكومة بسحب قطعتين منها، وإلزام الصحف بإخطار النقابة بأسماء المتدربين لديها كل ستة أشهر توطئة لقيدهم بجدول المشتغلين، ومواصلة الجهود الرامية إلى معالجة جذرية لملف الأجور بما يضمن حياة كريمة للصحفيين، وفتح ملف تحديث قانون النقابة، والبدء فى إنشاء ناد اجتماعى وثقافى للصحفيين وأسرهم بالطابق السابع بالنقابة، وإنشاء ناد بحرى بالإسكندرية، وتوسيع مظلة الحماية النقابية لتشمل أكبر عدد من الزملاء بالمحافظات عبر تشكيل سبع لجان نقابية هناك، وتدريب 800 صحفى فى 40 ورشة عمل، وفتح ملف الصحف الحزبية المتوقفة عن الصدور بقرار باطل من لجنة شؤون الأحزاب منذ مايو 2000، والحصول على موافقة رئيس الوزراء على توزيع 160 زميلة وزميلا متعطلين عن العمل بسبب إغلاق الصحف على بعض البوابات والمواقع التابعة للوزارات والمؤسسات الإعلامية للاستفادة بخبراتهم وتدريب العاملين بها.كما بدأت النقابة منذ شهرين فى خطوة غاية فى الأهمية وهى إنشاء معهد للتدريب فى الطابق السادس بالنقابة. ويحمل البرنامج أيضا المشروعات التى يعتزم قلاش إكمالها خلال فترته الثانية.

أما عن الوعى والخبرة التى تراكمت لدىّ عبر ربع قرن تقريبا، يا زميلى العزيز، فتقضى بألا أنساق خلف المقولات الجاهزة والمعلبة التى استقر فى يقينى أنها لعبة مكشوفة، ودعاية مفضوحة، لاصطياد الأصوات، أكثر منها تعبيرا عن مسار عمل نقابى حقيقى ومفيد. لقد حضرت وشاركت بشكل فعال فى انتخابات متعاقبة، وقرأت فيها برامج، وسمعت وعودا انتخابية، ورأيت مرشحين على مقعد النقيب والمجلس من مختلف المشارب والاتجاهات، وهذا يجعلنى محصنا من ألاعيب الذين يروجون مقولة «نقيب الجسور» أى الذى له صلات طيبة بأجهزة الدولة، بوصفه الأقدر على جلب المنافع للصحفيين. فقد نبهنا أساتذتنا إلى ما لم نشهده من العمل النقابى، وأنبأنا تاريخنا فيه كما عشناه ووعيناه، بأن الممارسة على مدار تاريخ النقابة كله، برهنت بجلاء على أن النقيب، ومعه مجلس النقابة، المنحاز إلى «استقلال النقابة» هو الذى تتعامل معه السلطة بتقدير واحترام، حتى لو خاصمته أحيانا وقدحت فيه، وربما فى سعيها لإرضائه تسقط بعض الثمار الطيبة على رؤوس الصحفيين. أما ما يسمى بالنقيب الحكومى، فقد أعطته السلطة دوما الفتات، مثل زيادة طفيفة فى بدل النقابة، مقابل تنازله التام عن الكفاح من أجل حرية الصحافة، وهى دم المهنة وروحها، وعن المزايا الحقيقية للصحفيين ومنها: الأجور، وعقد العمل الموحد، وتحصيل ما على المؤسسات الصحفية من التزامات مالية للنقابة. وهكذا تبددت آمال الصحفيين تباعا تحت أوهام النقيب الجسر، وهى مقولة زائفة تفترض أن النقيب المنحاز لاستقلال النقابة، بوصفها إحدى مؤسسات المجتمع الأهلى وليست مصلحة حكومية بيروقراطية بائسة، يشهر سيفه فى وجه السلطة معلنا الحرب عليها غير عابئ بقتل وجرح مصالح زملائه. فالأمر لم يكن هكذا حين وصل إلى منصب النقيب رموز من تيار الاستقلال النقابى، بل إنهم حازوا احترام السلطة، ودفعوها إلى الإقرار بما للصحفيين من حقوق فنالوها، أو بعضها، بكرامة وعزة نفس، وكانت جسورهم معها أعرض وأقوى، دون ذل ولا هوان.

هز زميلى رأسه، وقال: أسباب وجيهة من دون شك، ووجدته يضيف لى سببا آخر كان غائبا عن ذهنى قائلا: هناك من ترشح لمنصب النقيب ليعزز فرصه فى المنافسة على رئاسة مجلس إدارة أو رئاسة تحرير مؤسسة صحفية قومية، وهؤلاء رأيناهم فى انتخابات عدة، فموقع النقيب ليس هدفهم ولا غايتهم إنما هو وسيلة لهذا المنصب الحكومى الذى يتطلعون إليه. وهناك من كان فى هذا المنصب بالفعل وكان يقاتل من أجل أن يكون نقيبا للصحفيين لأنه يدرك أن هذا يعزز استمراره فى منصبه. وهناك من أخفق فى حيازة المنصب الصحفى الحكومى فوجد فى النقيب تعويضا. أما يحيى قلاش فهو لم يتطلع يوما إلى منصب فى المؤسسات الصحفية، ولم يشغله سوى العمل النقابى فأعطاه جل جهده ووقته وخبرته. وصار الآن يعرف كل شاردة وواردة عن زملائه، لدرجة أن البعض بات يسميه «شيخ حارة الصحفيين»، ويشهد الجميع أنه لم يتكبر يوما على أحد، أو ينعزل ويتهرب، ولم يدع جهدا فى سبيل مصالح الصحفيين إلا وبذله على قدر استطاعته. وهو بالطبع لم يحقق كل المراد، ولا وصل إلى حلول لكل المشكلات، ولا أرضى كل الأطراف، لكن يكفيه أنه فعل كل ما فى وسعه، ويجب على الصحفيين أن يقدروا حدود قوتهم وقوة نقابتهم فى المجال العام، دون تهوين ولا تهويل.

وبالطبع، وكما ندرك جميعا، فإن انتخاب قلاش نقيبا ليس كافيا، بل من الضرورى أن يمعن الصحفيون النظر فيمن تبقى من المجلس الحالى محتفظا بموقعه، ويحسبون اتجاهاتهم وارتباطاتهم، ثم يعملون على اختيار دقيق ناجع حصيف يعيد إلى المجلس التوازن المطلوب، وهو أمر يبدو ملحا وضروريا فى أيامنا تلك أكثر من أى أيام خلت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات نقابة الصحفيين موقفى الصريح انتخابات نقابة الصحفيين موقفى الصريح



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon