توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سيرة محمد على فى رواية (1 - 2)

  مصر اليوم -

سيرة محمد على فى رواية 1  2

بقلم عمار علي حسن

لا تعد الكتابة الروائية عن شخصية تاريخية بارزة، عرف الناس عنها إلى حد التشبع، مسألة يسيرة بأى حال من الأحوال، ففضلاً عن المصادر المتنوعة والروايات المتباينة عنها، هناك الحضور الطاغى لها فى الأذهان والنفوس، الذى عالجته كتابات تاريخية وسياسية وصحفية وجوانب من المعارف العامة لاسيما مع الانفجار المعلوماتى الذى نعيشه الآن، ويختلط فيه السمين بالغث، والصادق بالكاذب، والحقيقى بالأسطورى.

وهذه الصعاب قابلت كل من كتب رواية تاريخية، بطلها كان شخصاً بارزاً، وحاضراً فى الآن على قدر حضوره فيما مضى. لكن هذا لم يمنع الأدباء من الانجذاب نحو هالات الضوء المبهر الذى يحيط بتلك الشخصيات، فكتب جابريل جارثيا ماركيز عن سيمون بوليفار محرر أمريكا اللاتينية رواية «الجنرال فى متاهة» وكتب أبوالمعاطى أبوالنجا عن عبدالله النديم خطيب الثورة العرابية، رواية «العودة إلى المنفى»، وكتب أحمد على باكثير عن السلطان قطز رواية «وا إسلاماه» وكتب على الجارم عن زبيدة التى تزوجت الجنرال الفرنسى مينو رواية «غادة رشيد». واستمد شكسبير بعض مسرحياته من شخصيات تاريخية حقيقية، وكتب هاورد فاست عن سبارتاكوس محرر العبيد، وكتب مصطفى سليمان روايته «بارباروسا» عن اليونانى خير الدين بارباروسا الذى تولى حكم الجزائر، لحساب السلطان العثمانى سليمان القانونى، وكتب المغربى بن سالم حميش رواية «العلامة» عن ابن خلدون.

ولو أن الأمر يقف عند حد كتابة السير مثلما فعل «العقاد» فى العبقريات، وطه حسين ومحمد حسين هيكل وخالد محمد خالد فيما خطوه من تراجم لشخصيات تاريخية إسلامية، لكان هذا أيسر بالقطع، لكنه يصعب مع «رواية» يتوقع القارئ أن يجد فيها ما لا يوجد فى كتب التاريخ والتراجم، وألا يشعر وهو يطالعها بطغيان التاريخى على الجمالى، وثقل الواقع على الخيال والتخييل.

كل هذه الملابسات أحاطت بالكاتب الأستاذ زكريا عبيد وهو يكتب روايته «جنة خانة» عن سيرة محمد على باشا، الغائب الحاضر فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر، فكان عليه ابتداء أن يعود إلى مراجع ومصادر تاريخية عدة ليس للوقوف على السياق الذى تدور فيه الأحداث فحسب، بل أيضاً لاستدعاء المسكوت عنه، أو المهمل، أو المخفى، فى سيرة محمد على، الذى جرى الانشغال به منذ أن قرر علماء الأزهر أن يخلعوا الوالى التركى خورشيد باشا ويضعونه مكانه، إلى لحظة وفاته، بعد أن انحسرت إمبراطوريته الصغيرة إثر تآمر الأوروبيين والعثمانيين عليه، أما طفولته وصباه، وحياته الخاصة، فلم تكن محل انشغال كبير، وكأنه قد ولد لحظة جلوسه على عرش مصر.

هنا يتجاوز الكاتب حدود انشغال المؤرخين والسياسيين لينبش فى حياة محمد على، ويعيد خلقه روائياً، هذه المرة، فيحل السياق الذى أحاط به، والظروف التى نشأ فيها، والشخصيات التى تركت بصمات عليه، والمواقف التى مر بها، وساهمت فى صناعة شخصيته على النحو الذى عرفناه، ونعرف النبوءة التى أطلقها عنه صاحب أبيه، والأحلام التى كانت تراوده فى مراهقته، والأشواق التى كانت تستعر فى نفسه إلى أن يكون ذات يوم رجلاً لا يمر على الدنيا مروراً باهتاً خافتاً سريعاً، إنما يترك وراءه علامة وسيعة وعميقة، لا يمحوها الزمن.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيرة محمد على فى رواية 1  2 سيرة محمد على فى رواية 1  2



GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon