توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

13 قرناً من مساعدة مصر للحجاز (2)

  مصر اليوم -

13 قرناً من مساعدة مصر للحجاز 2

بقلم عمار علي حسن

عقب احتلال العثمانيين مصر فى عام 1517، بعد أن هزموا المماليك فى معركة الريدانية، وضعوا نصب أعينهم ضرورة الاستيلاء على الحجاز حتى يتسنى لسلطانهم أن يصبح فى نظر المسلمين «حامى الحرمين الشريفين»، وهى مسألة كانت حيوية للعثمانيين «السُّنة» فى مواجهة سلطان دولة الصفويين الشيعية، بالإضافة إلى حرص العثمانيين على أن يقطعوا الطريق على البرتغاليين الذين كانوا آنذاك يجوبون البحار بحثاً عن مناطق نفوذ «مستعمرات» فلا يتمكنون من تهديد المقدسات الإسلامية.

ومنذ البداية، أوصى السلطان العثمانى سليم الأول بارتباط أشراف مكة بوزراء مصر، وأقر تبعية الحجاز واليمن لمصر إدارياً، إذ جاء فى القانون العثمانى أن الفرمانات التى تصدر فى مصر تسرى على هاتين المنطقتين، وحتى الحملات العسكرية التى كانت تخرج منهما كان لا بد أن تخرج من مصر أولاً. وكان لولاة مصر الدور الرئيسى فى تعيين وعزل أشراف مكة، وفى المقابل كان منوطاً بهم الدفاع عن الأراضى الحجازية ضد أى عدوان خارجى، والحفاظ على الشرعية عبر الانتصار لبعض شرفاء مكة على حساب آخرين أثناء رحلة الصراع الطويلة والمتتابعة التى دارت رحاها بينهم، واستوجبت من مصر أن تجرد أكثر من حملة عسكرية إلى الحجاز، ومنها حملة عوض بك (1116هـ/ 1704م)، وحملة أحمد بك المسلمانى (1134هـ/ 1722م) وحملة على بك الكبير (1184هـ/ 1769م). وقد ذهب الأخير إلى ما هو أبعد من حفظ الأمن فى الحجاز لصالح العثمانيين، إذ كان يطمح إلى أن يجعل تلك البلاد جزءاً من دولة مصرية مستقلة عن الباب العالى.

وإلى جانب الحجاز، اهتم المماليك بجدة، لكونها ثغراً مهماً فى طريق التجارة، وكانوا يعينون بها حاكماً عاماً، يُطلَق عليه «نائب جدة»، يرسل حصيلة ما يغله الثغر من مال إلى الخزينة المصرية. ومع تعاظم أهمية جدة، بنى السلطان المملوكى قنصوة الغورى فى مطلع القرن السادس عشر الميلادى استحكامات دفاعية عنها، كانت عبارة عن سور طويل وقلعة حصينة. وشيّدت مصر أيضاً قلعة مماثلة بالمدينة المنورة، أمدتها بنحو مائتى جندى. وقد وصلت العلاقة بين الجانبين من المتانة إلى حد أن الحجازيين شاركوا المماليك فى قتال الحملة الفرنسية التى احتلت مصر فى عام 1798، ومن الطرافة إلى حد أن كانت مصر منفى للمتمردين الحجازيين، وكانت الحجاز منفى للخارجين على السلطة بمصر، فى العهدين المملوكى والعثمانى.

فلما وصل محمد على إلى حكم مصر فى عام 1805، وجد نفسه مكلفاً من قِبل السلطان العثمانى مصطفى الرابع بأن يزحف بجيش إلى أرض الحجاز، فيؤدب من تمردوا فيها على السلطان، ويعيدها كاملة مستقرة إلى حوزته. وإذا كان محمد على قد اعتذر فى بادئ الأمر متعللاً بالظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر آنذاك بعد انخفاض منسوب النيل، واستيلاء المماليك على إقليم الصعيد إلى جانب أطماع الدول الأوروبية فى مصر متمثلة فى حملة فريزر الإنجليزية التى نزلت إلى مياه الإسكندرية فى عام 1807، فإنه لم يلبث أن أطاع الأوامر السلطانية فى التاسع عشر من رجب 1226هـ/ 1811، فجرد حملة بقيادة أحمد طوسون تتألف من ثمانية آلاف جندى، زحفوا إلى أرض الحجاز، فوجدوا هناك قوات «السلفيين» على أهبة الاستعداد، بقيادة عبدالله بن سعود وسعود بن مضيان، فتفوقت عليهم، وفر طوسون إلى ينبع.

لكن الإمداد الذى وصل إلى طوسون بقيادة أحمد بن نابرت فى عام 1812 مكنه من الاستيلاء على وادى الصفراء والمدينة وجدة ومكة والعبيلا، بمساعدة من الشريف غالب بن مساعد، الذى استماله محمد على بالمال والجاه، إلا أن هذه القوات واجهت صعوبة فى الانتصار على السلفيين حين وصلت إلى نجد نظراً لوعورة التضاريس.

واضطُر محمد على إلى الذهاب بنفسه لقيادة الجند، فوصل إلى جدة فى عام 1813، ورسم خطة جديدة للحرب، مكّنته من الاستيلاء على عسير ومناطق أخرى. وبعد ثلاث سنوات، تم تجريد حملة أخرى بقيادة إبراهيم باشا، تمكنت من الاستيلاء على الدرعية مركز السلفيين، فسقطت الدولة السعودية الأولى، لفترة مؤقتة، وعمت البلاد الفوضى. ومع تعزز نفوذ محمد على فى مواجهة السلطان العثمانى، راح يفكر جدياً فى أن يمد حكمه إلى الحجاز، لحسابه وليس لحساب السلطان. إلا أن بريطانيا فطنت لمراميه، فأخذت تقطع الطريق عليه بتعزيز وجودها العسكرى والسياسى فى ساحل الخليج العربى، مستفيدة من ظهور مقاومة سعودية ضد محمد على، قويت شوكتها تحت قيادة الإمام فيصل، لكن القوات المصرية لم تلبث أن تغلبت عليها، وقضت على حكم فيصل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

13 قرناً من مساعدة مصر للحجاز 2 13 قرناً من مساعدة مصر للحجاز 2



GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon