توقيت القاهرة المحلي 12:33:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الداء والدواء.. وصف الحالة الصحية في مصر

  مصر اليوم -

الداء والدواء وصف الحالة الصحية في مصر

بقلم - عمار علي حسن

هناك عبارة ترددها ألسنة المصريين كثيرًا، ولاسيما فى الوقت الراهن، تقول: «أنا لا أخاف الموت، بل أخاف المرض». طبيعى أن يخشى أى إنسان الألم والعجز، ويُضنيه العبء الثقيل الذى يُزيحه على كاهل كل مَن حوله. أما إذا كان المرض مزمنًا، فالمرء يخشى قضاء بقية عمره فى معاناة قاسية، خاصة مع القلق العارم المصاحب لانتظار النهاية المحتومة.

تلك حالة عامة بين البشر أجمعين، لكنها تزداد سوءًا لدى المصريين بفعل سبعة أسباب لافتة، يمكن تبيانها على النحو التالى:

١ـ عدم القدرة على الالتزام بقاعدة «غذاؤك دواؤك» لضيق ذات يد أغلبية السكان، بما يحرمهم من الحصول على الأطعمة التى تعزز قوة الجسم ومناعته، وتلبى احتياجاته الطبيعية إلى مختلف العناصر اللازمة لبنيانه ولياقته، بما لا يجعله فريسة سهلة للمرض.

فى الوقت نفسه فإن فرص أغلب المصريين ضعيفة فى الحفاظ على لياقة أبدانهم، فنسبة بسيطة من المواطنين مشتركة فى أندية رياضية، وأقل منها يذهب إلى صالات التريض وتقوية الأبدان. أما الأغلبية فمحرومة حتى من وجود مكان ممتد ممهد للتريض، مشيًا أو بركوب الدراجات. ويتفاقم الأمر مع هجوم التلوث المركب للماء والهواء والتربة على صحة الناس.

٢ـ تراجع إمكانية إنفاق الفرد على العلاج حال حدوث المرض، فى ظل تدنى نفقات الدولة على الصحة، وغياب نظام التأمين الصحى الشامل فى الواقع، حتى إن تم ذكره نظريًّا فى قوانين وخطط صحية حكومية، ولاسيما مع انتقاله فى طوره الجديد من مراعاة البعد الاجتماعى إلى النزوع التجارى البحت، حيث يتعزز الربح على حساب السلامة.

٣ـ الخوف من الوقوع فى أيدى أطباء عديمى الكفاءة أو مغالين فى أجورهم، أو يُضخمون المرض لابتزاز المريض واقتناص أى مال منه، أو للنقص المستمر فى عدد الأطباء قياسًا إلى تزايد حجم السكان. وتنصب بعض المستشفيات الخاصة فخاخًا للمرضى لتُطيل أمد بقائهم تحت الملاحظة والعلاج مادام هذا يدر عليها عائدًا طائلًا. وهناك أطباء متعاقدون مع معامل تحاليل أو صيدليات، فيبالغون فى طلب الفحوصات، ووصف الأدوية، أو يكتفون بصرف دواء يعرفون بوجوده أو تكدسه فى هذه الصيدليات، حتى لو لم يكن هو العلاج الأفضل لمرضاهم. وفى جراحات التجميل حدث ولا حرج. ويمكن للناس أن يقعوا أيضًا ضحايا فى أيدى مَن يدفعونهم إلى ما يسمى «الطب البديل» أو «الطب الأخضر»، الذى غلب فيه الأدعياء الأولياء.

٤ـ المعاناة الشديدة التى يواجهها الفقراء فى المستشفيات الحكومية وبعض المستوصفات، فهناك زحام شديد فى ظل قلة غرف الفحص، وعدم وجود عدد كافٍ من الأطباء، ويقود هذا بالطبع إلى استسهال الفحص أو التسرع فيه، ما يعنى تأخر الحصول على العلاج الناجع. وهناك معاناة أشد لمَن يتقدمون للعلاج على نفقة الدولة، ففضلًا عن أن المبالغ المخصصة لهذا قليلة قياسًا إلى المطلوب، فإن تحصيلها الخدمة يتأخر جراء أن الفرصة المتاحة لها لا تناسب عدد المتقدمين إليها.

ولعل الناظر إلى أماكن الانتظار أمام العيادات، أو فى مكان الاستقبال، يكتشف كيف يتعرض كثيرون لأشكال من الإهانة والتسويف والنبذ. فيما يتعرض المجبورون على دخول أقسام الطوارئ إلى سوء معاملة، وبعضهم ترفض المستشفيات استقباله، حتى لو كانت حالته خطرة، إلا بعد إيداع مبالغ محددة فى خزينة المستشفى، بعضها لا يكون متوفرًا فى التو والحال لدى أهل المريض أو المصاب.

٥ـ اتساع الهوة فى «الطاقة الصحية» بين منطقة وأخرى، إما بسبب التفاوت فى كفاءة الأطباء، أو فى الإمكانات اللوجستية للمستشفيات، ما يجبر كثيرًا من المواطنين على السفر الطويل إلى المراكز الطبية المتميزة نسبيًّا لتلقى العلاج، مثل القاهرة وأسيوط والمنصورة والإسكندرية، وفى هذا إرهاق جسدى ونفسى، وعبء مادى للمريض وأهله.

٦ـ ضعف الرقابة على المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة لضمان جودتها أولًا، ثم ضمان أن تكون أسعارها فى متناول أغلب المواطنين، أى لا تُغالى فى تحقيق أرباح طائلة على حساب صحة الناس، وبما لا يتناسب مع متوسط الدخول فى مصر.

٧ـ حالة الفوضى التى تسود سوق الدواء، ثم تراجع فرصة الحصول عليه، إن توفر ثمن شرائه، جراء ضعف الاستيراد فى الفترة الأخيرة بسبب نقص العملة الصعبة، وهى مسألة يضج مصريون بالشكوى منها، ولاسيما أصحاب الأمراض المزمنة.

إنه الواقع الأليم الذى لا تترجمه النصوص التى تحكم الرعاية الصحية فى مصر، فدستور ٢٠١٤ وتعديلاته عام ٢٠١٩ فى مادته رقم (١٨) ينص على أن «لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن ٣٪ من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًّا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقًا لمعدلات دخولهم. ويحرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة. وتلتزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين فى القطاع الصحى، وتخضع جميع المنشآت الصحية، والمنتجات والمواد، ووسائل الدعاية المتعلقة بالصحة لرقابة الدولة، وتشجع الدولة مشاركة القطاعين الخاص والأهلى فى خدمات الرعاية الصحية وفقًا للقانون».

(نُكمل الأسبوع المقبل إن شاء الله تعالى)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الداء والدواء وصف الحالة الصحية في مصر الداء والدواء وصف الحالة الصحية في مصر



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon