توقيت القاهرة المحلي 19:06:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كوارث الطبيعة وعلاقات الدول.. النزعة الإنسانية والتنمية (3- 3)

  مصر اليوم -

كوارث الطبيعة وعلاقات الدول النزعة الإنسانية والتنمية 3 3

بقلم - عمار علي حسن

باتت الكوارث الطبيعية، خاصة الضخمة، محكًّا مهمًّا لاختبار حدود القوة، إذ إنها تكون فى كثير من الأحيان فادحة، إلى درجة لا تستطيع أى دولة بمفردها أن تواجهها، مهما كانت قدراتها، ومهما علت مكانتها، بل إن جميع دول العالم، غنية أو فقيرة، سواسية أمام هذه الكوارث.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، ظهرت الولايات المتحدة هشّة إلى حد كبير فى مواجهة إعصارى «كاترينا» و«ريتا»، وأثارت شفقة حلفائها وأعدائها على حد سواء، الأمر الذى عكسته بجلاء عروض التبرعات، فقد وصل الأمر إلى عرض أفغانستان تقديم مائة ألف دولار لمساعدة ضحايا الإعصار، وتصاعدت حملة التبرعات من 5 ملايين دولار للبحرين إلى 100 مليون لقطر و500 مليون للكويت، مرورًا بمليون دولار لنيجيريا وخمسة ملايين للهند، وانتهت الرحلة إلى ألَدّ أعداء الولايات المتحدة، كوبا وإيران، فالأولى عرضت إرسال ألف طبيب و26 طنًّا من الأدوية، والثانية أبدت استعدادها لإرسال مساعدات إنسانية لضحايا الإعصار.

وهنا تعزز قضية الكوارث الطبيعية الأطروحات التى قدمها العديد من علماء العلاقات الدولية، حين بلغ الغرور منتهاه بالولايات المتحدة الأمريكية، عقب سقوط الاتحاد السوفيتى، فتصرفت فى سياساتها الخارجية على اعتبار أن بوسعها أن تفعل أى شىء منفردة من أجل تحقيق مصالحها، بما فى ذلك خوض الحرب، وإسقاط الأنظمة الحاكمة التى لا تروق لها.

فوقتها، خرج باحثون ومفكرون كثيرون، بمَن فيهم أمريكيون، وحذروا من عواقب هذا «الغرور»، وطرحوا رؤى مغايرة، مفادها أن للقوة حدودًا، وأن أى دولة مهما علَت فهى فى حاجة إلى مساعدة الآخرين، بدءًا من النصيحة حتى التعاون فى صورته المادية الظاهرة والموسعة. وفى الوقت الراهن، يعيد أنصار البيئة إنتاج هذه الرؤية، مؤكدين أن العالم بحاجة إلى التكاتف من أجل التغلب على المشكلات التى تنجم عن الكوارث الطبيعية.

وهنا يقول بول سينو، الرئيس التنفيذى للهيئة الاستراتيجية الدولية لتقليل الكوارث: «كل الدول، متقدمة أو نامية، تواجه خطر المزيد من الكوارث».

6- اعتماد المعرفة ركيزة للقوة: فطالما تحدث المثقفون والفلاسفة عن أن المعرفة سلطة، وقدمت مدرسة «الواقعية التقليدية» فى العلاقات الدولية تصورًا موسعًا حول ركائز قوة الدولة، لكنها لم تعط «المعرفة» ما تستحقه من اهتمام. وجاءت قضايا البيئة لتقدم برهانًا عمليًّا على ما للمعرفة من سلطان، بل تضفى عليه بُعدًا دوليًّا، من خلال ما يسمى «الجماعات المعرفية»، وهى مجموعة الخبراء التى تتخطى اهتماماتهم وأنشطتهم حدود القوميات، وتنحاز إلى المعرفة وتُعلى من دورها، دون نظر إلى دولة أو مجتمع بعينه، ويجمع بين أفرادها فهم مشترك لقضية أو مشكلة، أو استجابات سياسية مفضلة. ويزيد من سلطان هذه المجموعة أن بعض جوانب قضايا البيئة ذات طابع تقنى وعلمى معقد، من جهة، وأن الكوارث الطبيعية أصبحت مشكلة عالمية، ولا تقتصر على بلد أو إقليم معين، من جهة ثانية.

7- الاهتمام بالتنمية المستدامة: فهذا المفهوم، الذى تستعمله الأدبيات الاقتصادية بإفراط، وُلد من خلال المناقشات التى دارت حول البيئة والاقتصاد، وظهر تحديدًا فى التقرير الصادر عام 1987 عن «اللجنة العالمية للبيئة والتنمية» التابعة للأمم المتحدة، والمعروفة بـ«لجنة برونتلاند»، ورمى إلى أن تضع الخطط الاقتصادية فى حسبانها عدم الجور على البيئة من جهة، وعلى احتياجات الأجيال القادمة، من جهة ثانية، وإيجاد حالة من التوازن بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وحماية البيئة، فالإفراط فى استخدام الموارد الطبيعية من أجل تلبية الاحتياجات الآنية يكون على حساب المطالب الآتية، خاصة إن صوحب استعمال الموارد بتلويث للبيئة وتدمير لبعض الثروات الطبيعية، وفتح الطريق أمام حدوث كوارث طبيعية، أو زيادة حجم الأضرار التى تنجم عن أى إعصار أو فيضان أو زلزال أو بركان.

ورغم أن هذا المفهوم لا يزال موضع خلاف لحظة تطبيقه، فإن الاهتمام به لا يزال يشكل علامة من علامات المجتمع الدولى المعاصر، خاصة بعد تشكيل «لجنة التنمية المستدامة»، التى تعمل مع «مرفق البيئة العالمية» تحت مظلة برنامج الأمم المتحدة للبيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى. وتتألف هذه اللجنة من ممثلين عن 53 دولة، يتم انتخابهم لولاية تمتد إلى ثلاث سنوات، بطريقة تضمن تمثيلًا جغرافيًّا متوازنًا وعادلًا، وتعكس فى خاتمة المطاف اهتمامًا عالميًّا متزايدًا بحقوق الأجيال اللاحقة فى بيئة نظيفة وموارد طبيعية متوفرة بقدر معقول، وقدرة فائقة على درء الكوارث، أو إدارة فعالة للأزمات التى تنشأ إثر الكوارث الطبيعية، التى تشل فى بعض الأحيان الأجهزة العصبية لأى دولة، فتقف حائرة مترددة، أو تتأخر فى عمليات الإنقاذ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كوارث الطبيعة وعلاقات الدول النزعة الإنسانية والتنمية 3 3 كوارث الطبيعة وعلاقات الدول النزعة الإنسانية والتنمية 3 3



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة

GMT 21:32 2021 السبت ,04 أيلول / سبتمبر

أفكار لتنسيق السروال الأبيض في موسم الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon