توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إصلاح التعليم الدينى والطريقة المُثلى للتعامل مع الأزهر

  مصر اليوم -

إصلاح التعليم الدينى والطريقة المُثلى للتعامل مع الأزهر

بقلم - عمار علي حسن

( 1 )

لا يمكن نكران وجاهة الرأى الذى يؤكد أصحابه أن انقسام التعليم فى أى مجتمع إلى «مدنى» و«دينى» له جوانب سلبية كثيرة، وأن الأفضل هو توحيد التعليم، ليس على هذا الأساس فحسب، بل أيضا ضد تقسيم التعليم إلى «وطنى» و«أجنبى»، وهو أمر صنع مشكلات عديدة، يوجد من رصدها وعددها وحلل جوانبها.

لكن فى كثير من المجتمعات لايزال هذا الانقسام جاريا وساريا، ومن ثم يبدو من قبيل الحصافة التعامل مع ما هو كائن، توطئة للوصول مستقبلا إلى ما ينبغى أن يكون. والقائم من التعليم المدنى والدينى معا، فى حاجة ماسة إلى إصلاح جوهرى، أما ما يجب أن يقوم فهو إجراء هذا الإصلاح بعزم لا يلين، وشمول لا يترك شاردة ولا واردة، ومواصلة لا تعرف انقطاعا.

لكننا فى هذا المقام نعرج على قضية التعليم الدينى، لاسيما أن الآراء والمقترحات والدراسات والبرامج والخطط التى رمت إلى إصلاح وتطوير وتحديث التعليم المدنى لم تنقطع يوما، سواء قدمها أفراد أو مؤسسات، وسواء طرحها مسؤولون رسميون أو بألسنة وأقلام خبراء غير رسميين وكتاب ومثقفين وغيرهم، وهى مسألة لم يحظ «التعليم الدينى» فيها بالمستوى نفسه من الاهتمام، نظرا لأن أغلب القائمين عليه يتصورون أن ما هم عليه ليس فى حاجة إلى تعديل أو تجديد أو إصلاح.

ويمكن أن يأخذ إصلاح التعليم الدينى الرسمى ثلاثة مسارات، لا تتنافر بالضرورة، إنما بوسعها أن تتلاقى أو تتكامل، لتصبح أكثر نجاعة، وهى:

1 ـ إصلاح المؤسسات من أعلى: والمقصود هنا أن تقوم السلطة السياسية فى أى بلد به مؤسسات للتعليم الدينى بوضع قوانين وتشريعات وخطط لإصلاح المناهج، وتحسين كفاءة القائمين على العملية التعليمية، وتدريبهم جيدا على المضمون المختلف الذى عليهم القيام بتدريسه، لاسيما أن بعضهم يؤمن بهذا الخيار وفق القاعدة التى تقول: «ما لا يزع بالقرآن يزع بالسلطان». لكن هذه العملية قد يشوبها قدر من القسر والإجبار، ويمكن أن تلقى مقاومة من بين القائمين بالتعليم أو التدريس، وقد يتحايلون عليها، ويفرغونها من مضمونها، مطلقين ما يسمى «المنهج الخفى» ليبلغ أشده، ويكون له اليد الطولى من بين المضامين التعليمية والتربوية التى يتم تدريسها.

2 ـ الإصلاح الذاتى: وهو خيار أفضل، لكنه يحتاج إلى أن يأتى على رأس المؤسسات التعليمية الدينية، أو تلك التى تنتج الخطاب الدينى، من يؤمن بأهمية الإصلاح، ويعمل من أجله، ويمتلك الرغبة الدائمة والقدرة المتنامية على النهوض بهذه المهمة.

3 ـ المساعدة الخارجية، وهى تقوم على إيمان آخرين، من خارج مؤسسات التعليم الدينى بأن إصلاحه ضرورة اجتماعية، وأن التأخر فى هذا لا يضر خريجى هذا النوع من التعليم فحسب، إنما يمتد ضرره إلى الجميع، فى ظل تداخل التصور الدينى مع مختلف مسارات ومجالات الحياة، لاسيما أن من يطلقون على أنفسهم أهل الاختصاص فى الدين ومسائله، يتحدثون فى كل شىء تقريبا، فى السياسة والاقتصاد والطب النفسى والعضوى وصولا إلى علوم الفلك، ويعتبرون أن الدين له علاقة بكل هذا.

ويحتاج تفعيل المساعدة الخارجية إلى إيمان القائمين على التعليم الدينى بأنهم فى حاجة إلى من يمد لهم يد العون من بين التربويين وعلماء الاجتماع والنفس وغيرهم، وأن الحوار مع هؤلاء غاية فى الإفادة أثناء وضع مناهج تعليمية دينية معصرنة أو حديثة.

وهذه المسارات ليست متناقضة، إذ بوسعها أن تتآزر فى سبيل تحقيق الهدف، وهو إصلاح التعليم الدينى. فيمكن أن تطلق السلطة السياسية مثلا حوارا مجتمعيا حول هذه المسألة، يشارك فيه قائمون على مؤسسات تعليمية دينية رسمية، وخبراء ومهتمون من خارجها، لينتهى بوضع خطة وتشريع يحظى بالتوافق والرضا، يقود تطبيقه إلى إنجاز ما انعقدت عليه النية الصادقة فى عملية الإصلاح هذه.

( 2 )

أحد أهداف الجماعات المتطرفة الساعية إلى السلطة السياسية هو هدم الأزهر كمؤسسة دينية، ليُخَّلى بينها وبين رؤوس الناس، فإن طلبوا الفتوى أو العظة أو التفقه والتفسير لم يجدوا أمامهم سوى أتباع هذه الجماعات الذين يؤولون الدين لخدمة مشروعهم السياسى. لهذا، ومع أننى أميل إلى أن يقتصر الأزهر على التعليم الدينى ولا أقبل وساطة بين الناس وربهم فى مسألة الإيمان، أجد أن الحكمة تقتضى إصلاح الأزهر لا هدمه أو إضعافه.

( 3 )

قد ترى الحكومة التونسية أن ما قدمته من اجتهاد حول قضية «ميراث المرأة» يلائم مجتمعها. فى ظنى أن المجتمع المصرى فى حاجة أكثر الآن لتمكين المرأة من ميراثها المهضوم أصلا فى الريف، خصوصا فى الصعيد، وإفهام الناس جميعا أن المرأة ترث فى 32 حالة أكثر من الرجل وفق الشريعة الإسلامية نفسها، ويجب الالتزام بهذا، قبل التفكير فى الانطلاق إلى ما هو بعده.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إصلاح التعليم الدينى والطريقة المُثلى للتعامل مع الأزهر إصلاح التعليم الدينى والطريقة المُثلى للتعامل مع الأزهر



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon