توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاحتفاء بالراقصات ولاعبى الكرة وتجاهل الأدباء والعلماء

  مصر اليوم -

الاحتفاء بالراقصات ولاعبى الكرة وتجاهل الأدباء والعلماء

بقلم - عمار علي حسن

(1)

دون أن يلتفت إليه إعلامنا المشغول بالرقص والطبل والكرة توفى قبل أيام العالم الكبير د. عادل محمود، المتخصص فى الأمراض المعدية، والذى ساهم فى إنقاذ حياة الملايين من خلال إنتاج لقاحات ضد فيروسات الورم الحليمى البشرى المسبب لسرطان عنق الرحم، وفيروس الروتا المسبب للإسهال المفرط عند الرضع. وبينما كان التجاهل يلف الراحل فى صحافتنا المحتضرة، كان الكبار فى العالم يعبرون عن حزنهم العميق لهذا الرحيل، وها هو بيل جيتس مؤسس مايكروسوفت العملاقة يغرد لنعيه، والإتيان على ذكر إسهاماته العظيمة التى أنقذت الملايين من البشر، لاسيما الأطفال الأبرياء.

(2)

تصادف وجودى ذات يوم بندوة فكرية استضافتها إحدى الطرق الصوفية تحدث فيها ممثل نافق ثورة يناير فمدحها، ثم ساير الموجة فقدح فيها، ورأيته يقول إن الذاكرة لن تبقى أحدا غير الفنانين، وإن كل الموجودين تحت الأضواء الآن فى السياسة والإعلام وغيرهما سيلفهم النسيان، ثم راح يذكر أسماء الممثلين الكبار الراحلين. لم أستطع السكوت على هذا الهراء، فقلت له: شىء عجيب أن تقول هذا، وكأن الفنان هو فقط الممثل، وليس الفنان التشكيلى والأديب، وكل مبدع فى أى مجال، وكأن الأجيال القادمة ستنشغل بعبدالفتاح القصرى أكثر من انشغالها بطه حسين وسعد زغلول. ولو جرى هذا سنكون قد غرقنا حتى نواصينا فى مستنقع الضحالة والتفاهة. ورغم أننى أستمتع وأقدر دور الممثلين الكبار فى حياتنا، لكننى أضعه فى حجمه الحقيقى، وهم معه، ويبقى لى أنه من المؤسف أن يخط على أفيش الفيلم اسم مؤلف الرواية التى قام عليها العمل ببنط لا يكاد يُقرأ، بينما يكبر اسم أو صورة راقصة لتقتحم عيون الناظرين.

ورحم الله الفنان الكبير، المتسق مع ذاته، عمر الشريف، الذى قال ذات يوم إن الحياة عجيبة لأنها جعلت شخصا مثله شهيرا وثريا، مع أنه لم يفعل سوى ترديد كلمات، لم يكتبها هو، وإعادتها مرات ومرات أمام الكاميرا، بينما هناك من يوجهه فى كل حرف، وكل حركة.

وتذكرت فى هذه اللحظة ما جرى بين العقاد وشكوكو، فالكاتب الكبير حين سأله أحد الصحفيين ذات يوم عن شكوكو، قال: لا أعرفه. فلمَّا نُشر الحوار، اغتاظ شكوكو من جهل العقاد به، فطلب حوارا مع أحد المحررين الفنيين، وقال: أطلب من العقاد الذى لا يعرفنى أن يقف على الرصيف الأيمن فى شارع سليمان باشا، وأنا سأقف على الأيسر فى مواجهته، ولنرى على من يجتمع الناس. ولما وصل هذا القول إلى العقاد، ضحك ساخرا، وقال: لا بأس، ليبق هذا الشكوكو فى مكانه على الرصيف، ولتقف فى مواجهته فتاة عارية، ولنرى على من سيجتمع الناس.

هذه قاعدة يُستثنى منها، بالطبع، ممثلون آمنوا بأن ما يفعلونه يشكل قيمة مضافة للحياة، يتلمس فيها الناس المتعة والفهم والإبانة، وكانوا على دراية ومعرفة، ولم يجعلوا من أدائهم مجرد وسيلة لجمع مال يتيهون به على خلق الله، أو لتحصيل شهرة زائفة.

(3)

حين تمرد اللاعب عماد متعب على مانويل جوزيه ذات مرة، استدعاه غاضبا، وقال له: أتعجب من غرورك، وكأنك تفعل شيئا مهما، أنت لست مدرسا ولا كاتبا ولا طبيبا ولا مهندسا، إنما أنت، وأنا معك، مثل العاملين فى السيرك، وظيفتنا هى إمتاع الناس بعض الوقت، حتى ينصرفوا هادئين إلى أعمالهم التى تضيف إلى الحياة.

(4)

أهم ما لفت انتباهى فى مشاركتنا المخجلة فى مونديال روسيا  هو لوحة مكتوبة باللغة الإنجليزية، رفعتها فتاة مصرية قبل أن يخوض منتخبنا مباراته الأولى، تقول: «لا نريد كأس العالم، إنما نريد التعليم والصحة وقبلهما الكرامة».

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحتفاء بالراقصات ولاعبى الكرة وتجاهل الأدباء والعلماء الاحتفاء بالراقصات ولاعبى الكرة وتجاهل الأدباء والعلماء



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon