توقيت القاهرة المحلي 04:43:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«السيدة كاف» (2 - 2)

  مصر اليوم -

«السيدة كاف» 2  2

عمار علي حسن


ويعتمد الكاتب عاطف عبيد فى مجموعته القصصية «السيدة كاف» على طريقة الحذف والإزاحة، إذ إن المسكوت عنه أو الفراغات فى قصصه شاسعة، وعلى القارئ أن يملأها من عنده، إذ يطرح ومضة واحدة فى حياة كل شخصية من شخصياتها، تاركاً للخيال طريقاً وسيعاً لاستكناه الكثير مما يتعلق بها؛ ملامحها وخبرتها ومسارها. وبلغ الحذف مداه فى أقصوصة قصيرة جداً لا تزيد على أربع كلمات يقول فيها: «أرادت التوبة: فاغتسلت بالخمر»، أو تلك التى تقول: «ساعة المطر، الكل يتذكر رأسه العارى».

وفى الغالب الأعم يميل الكاتب إلى أن ينهى كل قصة بمفارقة، فيترك القارئ يطالع السطور حتى قرب النهاية، دون أن يعرف كيف ستكتمل القصة بعد كلمات معدودات، لكنها تكتمل، وتثير فى النفس عجباً، قد يدفع إلى إعادتها للوقوف على علاقة النهاية بالبداية، ويعرف كيف يصنع الاندهاش؟ وكيف لبعض القصص أن ينطوى على فلسفة عميقة، أو يرسم صورة فنية لجانب من تدابير الحياة؟ وهى طريقة برع فيها أدباء كبار مثل المصرى محمد المخزنجى، والسورى زكريا تامر، ويبدو للأول، على الأقل، تأثير واضح على الكاتب، ليس من باب تقليده، إنما مضاهاته دون الأخذ عنه، لا سيما فى المضامين.

ويؤدى العنوان عند الكاتب وظيفة مفتاحية فى فهم القصة، أو يختزل مضمونها غير المباشر فى كلمة أو كلمتين، وبعضها ينطوى على طرافة ظاهرة مثل «ثروة الكازوزا» و«رجل وعشرة حمير» و«طرفة جدى» و«ثورة الأحذية» و«مزاح البطاطا الشقراء» و«المرأة السنترال» و«الموت على جنب»، وبعضها مأخوذ من اللغة المتداولة على ألسنة الناس مثل: «فلافل بالسمسم» و«سيجارة لف» و«حورية بنت العمدة» و«أيام عز» و«نعناع برى» و«كمال ابن خالى» و«قطعة جبن» و«معذرة زوجى العزيز».

وتحت هذه العناوين وغيرها قسم الكاتب مجموعته إلى أربعة أقسام، خصص الأخير لأقاصيص قصيرة جداً تحت عنوان «ومضات سردية»، والبقية سماها: «من مذكرات المرحوم عيسى المهدى» ووزعها على ثلاث محطات، فإن هذا التقسيم لا يعنى أبداً وضع خطوط فاصلة بين مضامين مختلفة، أو شخصيات أخرى، أو أسلوب فنى مغاير، ولا يبدو أن أول المجموعة وآخرها فيه تباعد فى مستوى الكتابة، إنما قصصه القوية والأقل قوة متناثرة فى ثنايا العمل كله، بما يعنى أن هذا التقسيم يقول بوضوح إن هناك تماهياً بين «المهدى» وبين الانكسار والهزيمة التى تسيطر على أغلب الشخصيات، وإن كان وجود هذه الشخصية التى أفردت لها قصتين وأقصوصة وظهرت بحالات متفاوتة، مسألة شكلية، لو رفعت من المجموعة ما تأثرت بها النصوص على الإطلاق.

وبعض الأقاصيص تنطوى على فلسفة أو حكم وتقدم أماثيل ظاهرة، دون إخلال بفنيتها، وقد بلغ الكاتب الذروة على هذا الدرب فى أقصوصته التى صور فيها الحرية برسم جديد، حيث يقول تحت عنوان «حرية»: «على حافة قلبى تجلس امرأة، تضحك من وراء ضلوعى، كلما مر أمام القضبان أحد.. تنادى المارة.. تعاكسهم من بين أزرار قميصى الأبيض المخطط.. وما إن يكثر عددهم تغلق أزرار القميص، وتدخل وهى تعايرهم بالحرية».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«السيدة كاف» 2  2 «السيدة كاف» 2  2



GMT 10:03 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 09:31 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 09:30 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 09:29 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 09:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 09:26 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 09:24 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon