توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الموريسكى الأخير» (2-2)

  مصر اليوم -

«الموريسكى الأخير» 22

عمار علي حسن

وتوازى رواية «الموريسكى الأخير» لصبحى موسى أيضاً بين ثورتين، الأولى فشلت، وهى ثورة «البشرات» التى قام بها بقايا المسلمين فى الأندلس بقيادة محمد بن عبدالله بن جهور رفضاً للاضطهاد، بعد انتفاضة البيازين عام 1495، والثانية تعثرت، وهى ثورة يناير فى مصر، وهنا لم تخل الرواية من إسقاط الثورة الأولى ضمناً على الثانية، لتقول إن رومانسية الثوار وغدر السلطة طالما قتل أحلام الناس وأشواقهم فى العدل والحرية.

و«الموريسكى الأخير» رواية هوية، إذ تجسد تدابير وأفكاراً وصوراً عديدة للتمسك بالهوية عند مجموعة بشرية تفرقت بين أفرادها السبل وتباعد الزمن. ومن هذه التدابير، ذلك التواصل، أو هذا الخيط الممتد فى القرون، الذى تمنحه الرواية لهذه المجموعة بدءاً من مشاركة آخر نسلها بمصر فى لحظة مطالبة بالتغيير وانتهاء بالجذر الأول للمأساة حين سقطت غرناطة. وهناك أيضاً خلق الأسطورة، وهى مسألة متكررة عند الأقليات المضطهدة عبر التاريخ، إذ تتداول أساطير تمجدها وتحفظ قوامها وتقوى من ولاء أبنائها لها، وتعظم ما فعله الأجداد فى نظر الأحفاد، ففى الرواية توجد ما تسمى بـ«العين الراعية» التى تحفظ الموريسكيين أينما حلوا، ويؤمنون هم بأنها تتابعهم وتدافع عنهم. ويوجد أيضاً «حلم العودة» الذى لم يتخل عنه أبطال الرواية رغم تفرقهم فى البلاد، كما يتم توظيف التفاصيل التى بقيت فى الذاكرة لمأساتهم فى ربط من لم يعشها بزمانها ومكانها، وأخيراً تحفل الرواية بذكر رموز وقادة وشخصيات حقيقية، كمساهمة، عبر الحكاية، فى الحفاظ على تاريخ يراد لأصحابه أن ينسوه تماماً، ولا يقل دور الشخصيات المختلقة أو أبطال الرواية فى الحفاظ على الهوية عن الأبطال التاريخيين، فكل منهم يسلم «عميد العائلة» أياً كانت سنه مفتاح الحكاية والحلم ويعينه حارساً على الذاكرة.

وهنا تقول الرواية واصفة لحظة تشييع «مراد» لجدته التى كانت «عميدة الموريسكيين» فى مصر: «حين فكر فى الصعود خلفها وجد الباب مغلقاً أمامه، فألقى بتحية السلام واستدار للنزول، سمع أصداء صوتها من خلفه تقول: «ولك منى السلام»، حينها أخذت أقدامه تتحسَّس الدرجات وروحه تحلِّق فى البعيد، شاعراً أنه نصفان، أحدهما يمشى على الأرض والآخر يطير فى السماء، رأى النجوم مبعثرة فى الفضاء، والموريسكيين يسعون خلفها على الأرض».

لكن إبراز الهوية لا يمنع من أن تكون «الموريسكى الأخير» رواية متاهة وضياع كامل، فبطلها «مراد» تعرض للخديعة دون أن يعرف من الذى خدعه، رجل الأمن الذى أوهمه بأنه أستاذ وحكى له كثيراً عن مأساة الموريسكيين؟ أم ابنة عمَّته التى سافرت طويلاً وعادت باسم آخر «راشيل» تستخدمه فى جمع معلومات لموضوعاتها الصحفية؟ ويمتد الضياع إلى أبطال الرواية القدامى الذين خدعهم الإسبان حين عرضوا عليهم أن ينهوا ثورتهم مقابل حفاظ حقوقهم فلما فعلوا تم الفتك بهم، وتشردوا فى الأرض، لتأتى هذه الرواية وتزيح بعض الركام عن حكايتهم الموجعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الموريسكى الأخير» 22 «الموريسكى الأخير» 22



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon