توقيت القاهرة المحلي 01:32:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الآتى بين مصر والسعودية

  مصر اليوم -

الآتى بين مصر والسعودية

عمار علي حسن


ما إن أُعلن عن وفاة العاهل السعودى السابق، الملك عبدالله بن عبدالعزيز حتى ثار فى القاهرة تساؤل عريض عن مستقبل العلاقات المصرية السعودية، وراح كثيرون يدلون بدلوهم، مدفوعين بأهمية السؤال وضرورة الإجابة، فقرأنا وسمعنا آراء سياسيين ودبلوماسيين وباحثين وخبراء ومفكرين وأدباء، بل إن رجل الشارع العادى لم يتوانَ فى إبداء رأيه. وتشابهت الإجابات على قدر الأمنيات، ووفق ما جادت به الساحة السياسية السعودية الداخلية التى دارت حول ما قاله الملك سلمان بن عبدالعزيز من أنه «سيسير على نهج سلفه».

وهذا السؤال دار أيضاً فى أكثر من بلد عربى وإسلامى، وربما فى كل البلدان على قدر الدور الذى لعبته المملكة فى عهد الملك عبدالله، والذى تداخل وتقاطع وتفاعل مع ملفات عديدة، سياسية واقتصادية، وأعتقد أن الإجابات التى تم تداولها فى هذه البلدان كافة لا تختلف عن تلك التى دارت فى رؤوس المصريين، ورسمت فى مخيلاتهم، وجرت على ألسنتهم.

وقد مرت العلاقات المصرية السعودية بمراحل متعاقبة مختلفة فى إيقاعها وتوجهاتها من زمن كانت فيه أرض الحجاز واقعة فى مرمى «المجال الحيوى» لمصر، إلى زمن «الحرب العربية الباردة» أيام حكم عبدالناصر، ثم «الاعتماد المتبادل» وصولاً إلى تكوين «الكتلة العربية الحية» ودخلت دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين ضمن هذا الإطار الذى ينفتح على الأردن والمغرب، ووصل الأمر إلى حد طرح فكرة «مجلس التعاون الاستراتيجى» بين هذه الدول.

وفى ركاب هذا ارتقت علاقات القاهرة والرياض إلى مرحلة مختلفة، انتقلت فيها من التعاون التقليدى إلى التنسيق المتين فى بعض الملفات لا سيما مواجهة الإرهاب وأمن الخليج وفوضى الحال اليمنية.

هذه المرحلة بدأت بالبيان الذى أصدره الملك عبدالله عقب فض تجمعى «رابعة» و«النهضة» وانحاز فيه بكل كيانه وثقل بلاده إلى مصر، ووصف ما يجرى فيها وقتها بأنه مواجهة دولة لتنظيمات تمارس العنف والإرهاب وتروم الفوضى والاضطراب. ودعا المصريين والعرب والمسلمين إلى التصدى لكل مَنْ يحاول زعزعة أمن مصر، وقال: «إن السعودية شعباً وحكومة تقف مع مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة»، وأكد دعمه ومساندته لمصر وشعبها ورفض أى تدخل فى شئونها.

ولا تزال هذه المرحلة جارية وسارية الآن، ولا أعتقد أن تغيير القيادة فى السعودية سيؤدى إلى انتهاء هذه المرحلة سريعاً، بل من المتوقع أن تستمر فى المستقبل المنظور، ليس لحرص مصر على بقاء العلاقات مع السعودية عند هذا الحد، بل نظراً لأن الأسباب التى أدت إلى مثل هذا التعاون الوثيق بين البلدين لا تزال موجودة، وربما تتعزز أيضاً، فالإرهاب لا يزال يشكل خطراً على البلدين وكل دول المنطقة، مع ظهور داعش، والاضطراب فى اليمن يتصاعد مع سيطرة الحوثيين على مقاليد الأمور، وللقاهرة والرياض مصلحة فى إنهاء هذا الوضع وعدم انزلاق اليمن إلى الانفصال بين شطريه أو السقوط فى هاوية الحرب الأهلية الطويلة أو تغلغل النفوذ الإيرانى هناك إلى ما هو أبعد من هذا. وقضية أمن الخليج لا تزال تجمع بين البلدين، وهى مسألة يصفها الرئيس عبدالفتاح السيسى بأنها «خط أحمر» لمصر، والوضع فى سوريا يوجب تقارب وجهات النظر بين البلدين فى الفترة المقبلة، سواء لمواجهة تصاعد الرقم الإيرانى فى المعادلة أو تعزز وجود المتطرفين المنتمين إلى داعش والنصرة وغيرهما، أو لسقوط سوريا فى فخ التفكك.

وأعتقد أن الاستمرارية فى السياسة الإقليمية للسعودية هى الاحتمال الأرجح، فطرق معالجة المسائل المرتبطة بها والتى بدأها الملك عبدالله سيسير عليها الملك سلمان، الذى لم يكن بعيداً عن صناعة السياسة المحلية والإقليمية والدولية للمملكة فى الفترة الأخيرة، لا سيما مع تدهور صحة الملك الراحل. كما أن السياسة السعودية تحكمها محددات وثوابت وفق ما يدركه ويقرره السعوديين لما يخدم المصلحة الوطنية لبلادهم، وهذا التصور يؤدى إلى ضرورة التنسيق مع مصر فى عهد الملك سلمان، الذى نقل عنه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر قوله: «مصر عمود الخيمة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الآتى بين مصر والسعودية الآتى بين مصر والسعودية



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon