توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإسلام والكرامة الإنسانية (3 -3)

  مصر اليوم -

الإسلام والكرامة الإنسانية 3 3

عمار علي حسن

وعلى وجه العموم، فإننا لا يمكن أن نطرح مسألة الكرامة الإنسانية بمعزل عن السياق الاجتماعى الذى يحيط بالفرد، ويعمل فيه. فاحترام هذه الكرامة أو انتهاكها يعتمد فى جانب كبير منه على القواعد العامة المرعية للسلوك فى أى مجتمع. ولا يمكن فصل ما تحمله الجماعة من قيم وما يبدر عنها من تصرف عن الوضع السياسى القائم، وذلك من منطلق أن السلطة يجب عليها أن تحرس الفضائل الاجتماعية وتعمل بجد على مقاومة الرذائل، أو الحد منها عبر توظيف القانون، وتشجيع الخطاب الدينى الذى يحض على الامتلاء الروحى والسمو الأخلاقى.
إلا أن رشد السلطة وعقلانيتها ليس هو العامل الوحيد المسئول عن حفظ كرامة الأشخاص، فالجماعة نفسها عليها واجب كبير فى هذا الشأن، فقبل أن يكون هناك احترام لحقوق الأشخاص، يجب أن يتوافر حس بالترابط الاجتماعى مع هؤلاء الذين نعترف بحقوقهم، ونؤمن بضرورة أن يعيشوا حياة تليق بآدميتهم، باعتبارهم بشراً مثلنا. وهنا يأتى دور مؤسسات المجتمع المدنى والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان لتساند شروط الاحترام الفعال للحقوق الإنسانية.
لا يكتفى البشر بعيش الحياة، لكنهم يجدون أنفسهم فى حاجة ماسة إلى تقييم وجودهم، وتحديد ما إذا كانوا يحيون حياة كريمة، أم حياة بشعة رخيصة، وهم دوماً يسعون إلى الحكم على قيمة الأهداف التى يسعون إلى تحقيقها، والغايات العريضة الكامنة وراء ما ينهضون به من أفعال. ويريد البشر دوماً معرفة ما إذا كان مسلكهم حسناً أم رديئاً، منصفاً أم ظالماً، معقولاً، أم ينطوى على حماقة وجنون، لأنهم يريدون تبرئة ساحتهم فى نظر أنفسهم أولاً، ويتيقنون من أن أسلوب المعيشة الذى اختاروه، يتصف بالخيرية، ويتم على أساس صائب أخلاقياً.
ويقود الشعور بالكرامة إلى ميلاد اتجاهات وقيم سياسية إيجابية، لا غنى عنها لأى مشروع وطنى يقوم على الممانعة والمقاومة. فهذه القيم وتلك الاتجاهات والتوجهات تحصن الإنسان نفسيا وعقليا ضد العناصر التى تعمل على تآكل روحه وتداعى قدرته على الصمود، وهى تسهم بطريقة جلية وملموسة فى صنع الإطار العام الذى يحكم نظرة الإنسان إلى الأمور، وحكمه على المواقف والأحداث والشخصيات والأفكار. وكلما كان هذا الإطار متماسكاً منيعاً، تضاعفت إمكانيات التصدى لـ«الآخر المعادى»، سواء كان العدوان متجسداً فى جيوش وعروش، أو متمثلاً فى أفكار ورؤى، أو متضمناً فى استراتيجيات وخطط وحيل ومكائد.
وأول الاتجاهات التى يصنعها شعور الإنسان بالكرامة هو حيازته «الاقتدار السياسى»، الذى يبدأ بتقدير الذات Self Esteem، وهو يقوم على حكم الفرد على أهميته الشخصية، فإن رفع من قدرها، وأعتز بها، امتلأ شعوراً بأهميته، وجدارته بالاحترام والتقدير، وامتلأ ثقة فى صحة أفكاره وميوله. وعلى العكس من ذلك، فهو إن أبخس نفسه، وحط من منزلتها، فسيتضاءل شعوره بقيمة شخصية، وسيصاب بإحساس بأن الآخرين يلفظونه، وأنه عاجز عن فعل ما يريد. والحاجة إلى التقدير تشير إلى معنيين رئيسيين، الأول هو الحاجة إلى القوة والإنجاز والكفاية والتمكن، والثانى هو الحاجة إلى السمعة والمكانة، والشهرة، والفخر، والأهمية، فإن أشبع الإنسان هذه الحاجات امتلك الشعور بالثقة، وأحس بأن له قيمة فى الحياة، وليس مجرد رقم فى طابور طويل لا ينتهى، أو عالة على الدنيا.
"الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسلام والكرامة الإنسانية 3 3 الإسلام والكرامة الإنسانية 3 3



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon