توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاستراتيجية وأهميتها (1-2)

  مصر اليوم -

الاستراتيجية وأهميتها 12

عمار علي حسن

ما يقلقنى هو أن التفكير والتخطيط بعيد المدى لا يزال غائباً عن المشهد المصرى، ونخشى أن نعود إلى سياسة «يوم بيوم»، التى تتعامل مع الدولة وكأنها محل بقالة أو مهمة ينهض بها عامل تراحيل، وهو ما قادنا إلى الكارثة التى نعانى منها الآن، وجعل بلاداً كنا نسبقها بكثير تتخطانا بمسافات شاسعة.
ولا يمكن للأمم أن تنهض وتتقدم وقد وُصمت بعشوائية فى التفكير والتدبير، أو استسلمت لتسيير الأمور يوماً بيوم، وكأنها «عامل تراحيل» لا يعرف ماذا سيفعل غداً أو بعد غد. فالدول التى تقدمت وحازت أسباب القوة والمنَعة والمكانة لم تصل إلى هذا هباء ولا محض مصادفة، إنما وفق تخطيط محكم يرسم معالم مستقبلها المنظور فى المجالات كافة، ماراً من «التصورات» إلى اختيار «الرجال» المؤهلين لترجمتها فى الواقع المعيش، ثم بناء المؤسسات التى يقوم على أكتافها هذا التنفيذ، ووضع «التشريعات» التى تيسّر الأمور وتضع لها الأطر القانونية الواجبة، مع الأخذ فى الاعتبار كافة التغيرات التى تطرأ على المجتمع فى قيمه وتنظيماته وعلاقاته. فى ركاب هذه المقاصد المهمة عرفت الإنسانية ضرورة وضع «الاستراتيجيات» وامتلكت مهارات فائقة فى هذه الناحية، ووزعت اهتماماتها على مختلف دروب الحياة وفروعها ومساراتها المعقدة، واستطاعت دول معينة بفضل هذا النوع من التفكير أن تمد نفوذها خارج حدودها وتسيطر على الآخرين بسهولة كبيرة.
والاستراتيجية هى علم وفن التخطيط وأصول القيادة، ترمى إلى الاستخدام الأمثل لكافة الإمكانات والوسائل المتوافرة، وهى مصطلح ينحدر من الحياة العسكرية بالأساس، ويعنى وضع الخطط الحربية قبل نشوب المعارك، ثم إدارتها أثناء جريانها، فالكلمة أصلاً مأخوذة من الكلمة الإغريقية Strato وتعنى الجيش أو الحشود العسكرية، ومن تلك الكلمة اشتقت اليونانية القديمة مصطلح Strategos وتعنى فن إدارة وقيادة الحروب. وتسلل المفهوم إلى مختلف العلوم والمجالات الحياتية ليعنى وضع خطط مسبقة، بعيدة المدى، لتحقيق هدف محدد أو حزمة من الأهداف فى ضوء الإمكانيات المتاحة أو التى يمكن الحصول عليها، ولذا وجدنا مصطلحات تبدأ من الاستراتيجيات الحربية والسياسية إلى استراتيجيات التسويق، مروراً بالاستراتيجيات الاجتماعية والثقافية والمعرفية والاقتصادية والأمنية. وهذا التوزع نجم عن التطور فى مجال الأفكار والنظريات ومسارات التطبيق. وفى درجة حضور الاستراتيجية نفسها هناك استراتيجية عليا أو شاملة واستراتيجية محدودة. بل داخل كل مجال هناك استراتيجيات فرعية، فمثلاً ضمن الاستراتيجية العسكرية هناك استراتيجية برية وبحرية وجوية.
بل إن هناك استراتيجيات مرتبطة بأهداف أو مشروعات عامة، الأمر الذى يجعلنا فى حاجة ماسة إلى استعمال وتوظيف عدة خطط تنتمى إلى عدة حقول معرفية ومسارات حياتية. فنحن حين نصيغ استراتيجيات لإعادة البناء، والارتقاء والنمو، والهيمنة، نحتاج إلى الاستعانة بعطاء مختلف العلوم الإنسانية والخبرات العملية.
(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى).
"الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستراتيجية وأهميتها 12 الاستراتيجية وأهميتها 12



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon